شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم

          ░37▒ بَابُ: اقْرَؤُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ.
          فيهِ: جُنْدَبٌ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (اقرَؤُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوْبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ). [خ¦5060]
          وفيهِ: عَبْدُ اللهِ: (أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً سَمِعَ النَّبيَّ صلعم يَقْرَأُ خِلَافَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إلى النَّبيِّ صلعم فَقَالَ: كِلاكُمَا مُحْسِنٌ، فَاقْرَآ أَكْبَرُ عِلْمِي، قَالَ: فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَأَهْلَكَهُمُ(1) اللهُ). [خ¦5062]
          قالَ المؤلِّفُ: قولُه صلعم: (اقْرَؤُوا مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوْبُكُمْ) فيه(2) الحضُّ على الألفة والتَّحذير مِن الفُرقة في الدِّين، فكأنَّه قال ◙: اقرؤوا القرآن والزموا الائتلاف على ما دلَّ عليه وقاد إليه، فإذا اختلفتم فقوموا عنه، أي فإذا عرض عارض شبهةٍ توجب المنازعة الدَّاعية إلى الفُرقة فقوموا عنه: أي(3) فاتركوا تلك الشُّبهة الدَّاعية إلى الفُرقة، وارجعوا إلى المحكم(4) الموجب للألفة، وقوموا عن الاختلاف وعمَّا أدَّى إليه وقاد إليه، لا أنَّه أمر بترك قراءة القرآن باختلاف القراءات(5) الَّتي أباحَها لهم لأنَّه قال لابنِ مَسْعُودٍ وللرَّجُل الَّذي أنكر عليه مخالفتَه له في القراءة: (كلاكما محسنٌ) فدلَّ أنَّه لم ينهَه ◙ عمَّا جعله فيه محسنًا، وإنَّما نهاه عن الاختلاف المؤدِّي إلى الهلاك بالفُرقة في الدِّين.


[1] في (ص): ((أهلكهم)).
[2] في (ت): ((وفيه)).
[3] قوله: ((فإذا عرض عارض... فقوموا عنه أي)) ليس في (ص).
[4] في (ص): ((الحكم)).
[5] قوله: ((باختلاف القراءات)) ليس في (ص).