شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: جمع القرآن

          ░3▒ بَابُ: جَمْعِ القُرْآنِ.
          فيهِ: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ ☺ عِنْدَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي، فَقَالَ: إِنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ، وَإِنِّي(1) أَخْشَى إنِ اسْتَحرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ في المَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ نفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُوْلُ اللهِ صلعم؟ قَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِذَلِكَ، وَرَأَيْتُ في ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُوْلِ اللهِ صلعم، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ / جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرُونِي(2) بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُوْلُ اللهِ صلعم؟ قَالَ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ ☻(3)، فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُوْرِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أبي خُزَيْمَةَ الأنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}[التَّوبة:128]حَتَّى(4) خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ. [خ¦4986]
          وفيهِ: أَنَسٌ أنَّ حُذَيْفَة قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ، وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَتْحِ أرْمِيْنِيَةَ وَأَذْرَبِيْجَانَ مَعَ أَهْلِ العِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلافُهُمْ في القِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الأمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ اخْتِلافَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي المَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيْدَ بنَ العَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّيْنَ الثَّلَاثِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ في المَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ(5) إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ القُرْآنِ في كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ. [خ¦4987] [خ¦4988]
          قَالَ ابنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بنُ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، أنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ(6)، قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِيْنَ نَسَخْنَا المُصْحَفَ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُوْلَ اللهِ صلعم يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ}[الأحزاب:23]فَأَلْحَقْنَاهَا(7) في سُورَتِهَا في المُصْحَفِ.
          قال أبو بَكْرِ بنُ الطَّيِّبِ: إن(8) قال قائلٌ: ما وجه نُفُور أبي بَكْرٍ وزَيْدِ بنِ ثَابِت مع فضلِهما عن جمع القرآن؟
          فالجواب: أنَّهما لم يجدا رَسُوْلَ اللهِ صلعم قد بلغ في جمعِه إلى هذا الحدِّ مِن الاحتياط مِن تجليدِه وجمعِه بين لوحين، فكرِها أن يجمعاه جزعًا مِن أن يُحِلَّا أنفسَهما مَحَلَّ مَن يجاوز(9) احتياطُه للدِّين احتياطَ رَسُوْلِ اللهِ صلعم، فلمَّا أَنْبَهَهما عُمَرُ ☺ وقال: (هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ) وخوَّفَهما مِن تغيُّر حال القرآن في المستقبل لقلَّة حَفَظَتِه، ومصيرِه إلى حالة الخفاء والغُمُوض بعد الاستفاضة والظُّهُور عَلِمَا صواب ما أشار به وأنَّه خيرٌ، وأنَّ فِعْلَ رَسُوْلِ اللهِ صلعم ليس على الوُجُوب، ولا ترْكُه لمَّا ترَكَه على الوُجُوب إلَّا أن يكون قد بيَّن في شريعتِه أنَّ مثل فِعْلِه لِمَا فَعَلَه أو تَرْكِهِ لمثل ما ترَكَه لازمٌ لنا واجبٌ(10) علينا، فلمَّا عَلِمَا أنَّه لم يحظر جمع القرآن ولا منع منه بسُنَّةٍ ولا بنصِّ آيةٍ، ولا هو ممَّا يفسدُه العقل ويحيلُه، ولا يقتضى فساد شيءٍ مِن أمر الدِّين ولا مخالفةَ رَأَيَا صوابَ(11) ما أشار به عُمَرُ، وأسرعا إليه كما فعل عُمَرُ وسائر الصَّحابة في رُجُوعِهم إلى رأي أبي بَكْرٍ الصَّدِّيْقِ(12) في قتالِه أهل الرِّدَّة، ورأوا ذلك صوابًا لم يشكُّوا فيه.
          وقد(13) يشمئز الإنسان أحيانًا مِن فعل المباح المطلق ويسبق إلى قلبِه أنَّه ممَّا ليس له فعلُه(14) لفرط احتياطِه وتحرِّيه ثمَّ يتبيَّن له بعد ذلك أنَّه ممَّا له فعلُه، كرجلٍ قيل له: قد سقط عنك فرض الجهاد والصِّيام والصَّلاة قائمًا لزمانتك وعجزك. فأنكر مفارقة العادة عند أوَّل وهلةٍ، فلمَّا رجع إلى نفسِه وعلم أنَّ الصِّيام يُجهدُه والحركةَ والقيامَ يزيدُه في مرضِه علم جواز تركِه.
          وقد تقدَّم في كتابِ الأحكامِ في بابِ يستحبُّ للكاتبِ أنْ يكونَ أمينًا عاقلًا زيادة بيانٍ في تصويب جمع الصِّدِّيْقِ ☺ للقرآن وأنَّه مِن أعظم فضائلِه [خ¦7191].
          قال أبو بَكْرِ بنُ الطَّيِّبِ: فإن قيل: فما وجه جمع عُثْمَانَ النَّاس على مصحفِه، وقد سبقَه أبو بَكْرٍ إلى ذلك وفرغ منه؟ قيل لهم: إنَّ عُثْمَانَ ☺ لم يقصد بما صنع جمع النَّاس على تأليف المصحف فقط، ولا كان التَّشاجر الواقع في أيَّامه في إقرارِهم أنَّه كتاب الله بأسرِه، وإنَّما اختلفوا في القراءات، فاشتدَّ(15) الأمر في / ذلك بينَهم وعظم اختلافُهم وتشتُّتُهم، وأظهر بعضُهم إكفار بعضٍ والبراءة منه، وتلاعنا؛ أهل الشَّام وأهل العراق، وكتب النَّاس بذلك إلى عُثْمَانَ مِن الأمصار وناشدوه الله في جمع الكلمة ورفع الشَّتات والفُرقة، فجمع عثمان المهاجرين والأنصار وجِلَّةِ أهل الإسلام وشاورَهم في ذلك فاتَّفقوا على جمع القرآن وعرضِه وأخذِه للنَّاس بما صحَّ وثبت مِن القراءات المشهورة عن النَّبيِّ صلعم، واطِّراحِ ما سواها واستصوبوا رأيَه، وكان رأيًا سديدًا موفَّقًا، فرحمة الله عليه وعليهم أجمعين(16).
          وقد ذكر أبو عُبَيْدٍ بإسنادِه عن عَلِيِّ بنِ أبي طَالِبٍ ☺ قال: لو وُلِّيْتُ لفعلت في المصاحف الَّذي فعل عثمان. قال غيرُه: وقولُه: (حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ) يدلُّ على تصحيح الرِّوايات الأُخَر أنَّ الصِّدِّيْقَ ☺ أمر زَيْدًا ألَّا يُثبت آيةٍ في المصحف إلَّا بشاهدين يشهدان عليها.
          وقال أبو بَكْرِ بنُ الطَّيِّبِ: وجه طلبِه للشَّاهدين أنَّ إثبات القرآن حكمٌ مِن أحكام الشَّريعة، ولا يجب إمضاء حكمٍ في الشَّريعة إلَّا بشاهدين عدلين. ويحتمل أن يكون أمرَه بطلب الشَّاهدين فيما لا يحفظُه زَيْدُ مِن كلمات القرآن، وقد ورد بذلك خبرٌ.
          روى(17) أُسامة بنُ زَيدٍ عن القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ قالَ: قالَ أبو بَكْرٍ لزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ: اقعدْ فمَنْ آتاكَ مِنَ القرآنِ بِمَا لَا تحفظْهُ ولَمْ تقرأْهُ بشاهدينِ فاقبلْهُ. ولسنا ننكر أن يكون أبو بَكْرٍ أمر زَيْدًا بطلب الشَّاهدين على كلِّ ما يُؤْتَى به ممَّا يحفظُه وممَّا لا يحفظُه لأجل حاجتِه إلى إمضاء الحكم مِن جهة الظَّاهر.
          قال المؤلِّفُ: وأفضل ما قيل في ذلك، ما حدَّثنا به عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ خالدٍ قال: حدَّثنا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ لُؤْلُؤٍ ببغدادَ، قالَ: حدَّثنا أحمدُ بنُ الصَّقْرِ بنِ ثَوْبَانَ قالَ: حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عن أَيُّوْبَ عن أبي قِلَابَةَ عن رَجُلٍ من بني تَمِيْمٍ يقالُ لَهُ _أحسب_ أَنَسُ بنُ مالكٍ قال: اختلف المعلِّمون في القرآن حتَّى اقتتلوا، فبلغ ذلك عثمانَ، فقالَ: عندي تختلفون وتكذبون به وتلحنون فيه؟ يا أصحاب مُحَمَّدٍ اجتمعوا، فاكتبوا للنَّاس إمامًا يجمعُهم، فكانوا في المسجد فكثروا، فكانوا إذا تماروا في الآية يقولون: إنَّه أقرأ رَسُوْلُ اللهِ هذه الآية فلانَ بنَ فلانٍ، وهو على رأس أميالٍ مِن المدينة، فيُبعث إليه فيجيء، فيقولون: كيف أقرأك رَسُوْلُ اللهِ صلعم آيةَ كذا وكذا؟ فيكتبون كما قال. رواه إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ عن سُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عن أَيُّوْبَ عن أبي قِلَابَةَ، قال: حدَّثني مَن كان يكتب معَهم، قال حَمَّادٌ: أظنُّه أَنَسُ بنُ مالكٍ القُشَيْرِيُّ، قال: كانوا يختلفون في الآية، فيقولون: أقرأها رَسُولَ اللهِ صلعم فلانَ بنَ فلانٍ، فعسى أن يكون على ثلاثة أميالٍ مِن المدينة، فيرسل إليه فيُجاء به. وذكر الحديث سواءً. وقد أشار أبو بَكْرِ بنُ الطَّيَّبِ إلى هذا المعنى غير أنَّه لم يذكر الرِّواية بذلك، وقد ذكرتُه عنه في كتابِ الجهادِ في بابِ قولِهِ تعالى: {مِنَ المُؤْمِنِيْنَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ}[الأحزاب:23][خ¦2807].
          فإن قال قائل(18): في حديث زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ أنَّه وجد آخر سورة التَّوبة مع أبي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، وفي آخر الباب قول ابنِ شِهَابٍ عن خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ أنَّه سمع أباه زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ قال: فقدت آيةً مِن الأحزاب كنت أسمع النَّبيَّ صلعم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ}[الأحزاب:23]وهذا اختلاف يوجب التَّضَادَّ.
          قال المُهَلَّبُ: ولا تَضَادَّ في هذا، وهذه قصَّة غير قصَّة الأحزاب لأنَّ الآيةَ الَّتي في التَّوبة وُجدت مع أبي خُزَيْمَةَ، وهو معروفٌ مِن الأنصار وقد عرفَه أَنَسٌ، وقال: نحن ورثناه. والَّتي في الأحزاب ليست صفة النَّبيِّ صلعم وهذه وجدت مع خُزَيْمَةَ بنِ ثَابِتٍ، وهو غير أبي خُزَيْمَةَ، فلا تعارض في هذا، والقصَّة غير القصَّة لا إشكال فيها ولا التباس والسُّورة غير السُّورة، والَّتي في الأحزاب سمعَها زَيْد وخُزَيْمَة مِن النَّبيِّ صلعم فهما شاهدان على سماعِها منه، وإنَّما أثبتت الَّتي في التَّوبة بشهادة أبي خُزَيْمَةَ وحدَه لقيام الدَّليل على صحَّتِها في صفة النَّبيِّ صلعم فهي قرينةٌ تُغني عن / طلب شاهدٍ آخر.
          وفي أمر عُثْمَانَ ☺ بتحريق الصُّحف والمصاحف حين جمع القرآن جواز تحريق الكتب الَّتي فيها أسماء الله تعالى وأنَّ ذلك إكرامٌ لها، وصيانةٌ عن(19) الوطء بالأقدام وطرحِها في ضياعٍ مِن الأرض.
          وروى مَعْمَرٌ عن ابنِ طَاوُسٍ عن أبيه أنَّه كان يُحَرِّقُ الصُّحف إذا اجتمعت عنده الرَّسائل فيها ╖، وحرَّق عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ كتب فِقْهٍ كانت عنده يوم الحَرَّةِ، وكرِه إبراهيمُ أن تُحَرَّقَ الصُّحف إذا كان فيها ذكر الله، وقول مَن حَرَّقَهَا أولى بالصَّواب. وقد قال أبو بَكْرِ بنُ الطَّيِّبِ: جائزٌ للإمام تحريق الصُّحف الَّتي فيها القرآن إذا أدَّاه الاجتهاد إلى ذلك.
          وقال أبو عُبَيْدٍ: اللِّخَافُ الحجارة الرِّقاق، والعُسُبُ جمع عَسِيْبٍ وهي جريدة مِن النَّخل، وجمعُه عِسْبَان وأَعْسِبة(20) من كتاب «العين».


[1] في (ت): ((فإنِّي)).
[2] في (ت) و(ص): ((أمرني)).
[3] قوله: ((وعمر ☻)) زيادة من (ت) و (ص).
[4] قوله: (({مَا عَنِتُّمْ} حَتَّى)) ليس في (ت) و(ص)، وزاد في (ت): ((من)) وفي (ص): ((هي)).
[5] في (ص): ((فأرسل)).
[6] قوله: ((أنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ)) ليس في (ت) و(ص).
[7] في (ت): ((وألحقناها)).
[8] في (ت) و(ص): ((فإن)).
[9] في (ت): ((تجاوز)).
[10] في (ت) و(ص): ((وواجب)).
[11] في المطبوع: ((رأي صواب)).
[12] قوله: ((الصديق)) ليس في (ص).
[13] في (ت) و(ص): ((وربَّما)).
[14] في (ص): ((ليس ممَّا له فعله)).
[15] في (ت): ((واشتدَّ)).
[16] قوله: ((أجمعين)) ليس في (ت) و (ص).
[17] في (ت) و (ص): ((وروى)).
[18] في (ت) و (ص): ((فإن قيل)).
[19] قوله: ((عن)) غير واضحة في (ص) في المطبوع: ((من)).
[20] في (ز): ((أعسب)) والمثبت من (ت) و (ص).