شرح الجامع الصحيح لابن بطال

فضل الكهف

          ░11▒ بَابُ: فَضْلِ(1) الكَهْفِ.
          فيهِ: البَرَاءُ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ، وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَغَشِيَتْهُ سَحَابَةٌ، / فَجَعَلَ يَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى(2) النَّبيَّ صلعم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ للقُرْآنِ. [خ¦5011]
          قال المؤلِّفُ: روى الثَّوْرِيُّ عن أبي هاشِمٍ الوَاسِطِيِّ عن أبي مِجْلَزٍ عن قَيْسِ بنِ عُبَادٍ(3) عن أبي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: مَنْ قَرَأَ سُوْرَةَ الكَهْفِ كَمَا أُنزلَتْ ثمَّ أَدْرَكَ الدَّجَالَ لمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ، ومَنْ قَرَأَ خَاتِمَةَ(4) سُوْرَةِ الكَهْفِ أَضَاءَ نُوْرَهُ مِنْ حَيْثُ قَرَأَهَا مَا بَيْنَهُ وبَيْنَ مَكَّةَ. وقَالَ قَتَادَةُ: مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أوَّلِ سُوْرَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَالِ.
          والحِصَانُ: الفَحْلُ مِنَ الخَيْلِ، والشَّطَنُ: الحَبْلُ، عن صاحب «العين».
          واختلف أهل التَّأويل في تفسير السَّكينة، فرُوِيَ عن عليِّ(5) بنِ أبي طالبٍ أنَّه قالَ: هي ريحٌ هَفَّافَةٌ لها وجهٌ كوجهِ الإنسانِ.
          ورُوِيَ عنه أنَّها ريحٌ حَجُوْجٌ ولها رأسان. وقال مجاهدٌ: السَّكينة لها رأسٌ كرأسِ الهرِّ وجناحان وذنبٌ كذنبِ الهرِّ. وعن ابن عَبَّاسٍ(6) والرَّبِيْعِ: هي دابَّةٌ مثل الهرِّ، لعينها(7) شعاعٌ فإذا التقى الجمعان أخرجت يدها فنظرت إليهم فينهزم(8) ذلك الجيش مِن الرُّعب.
          وعن ابنِ عَبَّاسٍ والسُّدِّيِّ: هي طِسْتٌ مِن(9) ذهبٍ مِن الجنَّة يُغسل فيها قُلُوب الأنبياء. وعن أبي مالكٍ: طِسْتٌ مِن ذهبٍ ألقى فيه مُوسَى الألواحَ والتَّوراةَ(10) والعصا، وعن وَهْبٍ: السَّكينة: روحٌ مِن الله تتكلَّم، إذا اختلفوا في شيءٍ بيَّن لهم ما يريدون.
          وعن الضَّحَّاك: السَّكينةُ: الرَّحمةُ، وعن عَطَاءٍ: السَّكينةُ: ما تعرفون مِن الآيات فتستكينون(11) إليها، وهذا اختيار الطَّبَرِيِّ.
          وتنزُّل السَّكينة لسماع القرآن يدلُّ على خلاف قول السُّدِّيِّ أنَّها طِسْتٌ من ذهبٍ، ويشهد لصحَّة قول مَن قال أنَّها روحٌ أو شيءٌ فيه روحٌ، والله أعلم.


[1] قوله: ((فضل)) ليس في (ت) و(ص).
[2] قوله: ((أتى)) ليس في (ت).
[3] في المطبوع: ((عبادة)) وجعله بين معقوفين في المتن تصويبًا عمَّا في الأصل الخطي ((عباد))، فظن أنَّ ما في الأصل خطأ _ وهو الصواب _ وأثبت الخطأ في المتن، وهذا الراوي تابعي بصري وليس الصحابي المعروف.
[4] في (ص): ((آخر)).
[5] قوله: ((علي)) ليس في (ت).
[6] في نسخنا: ((العبَّاس)) والمثبت الصواب، وهو كذلك في المطبوع تصويبا لا عن النسخ: ((ابن عباس)).
[7] في (ت) و(ص): ((لعينيها)).
[8] في (ص): ((فيهزم)).
[9] قوله: ((من)) ليس في (ت) و(ص).
[10] في (ص): ((ألقى موسى فيه التَّوراة والألواح)).
[11] في (ز) و (ت): ((فيسكنون)) والمثبت من (ص).