شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب هبة الواحد للجماعة

          ░22▒ بَابُ هِبَةِ الوَاحِدِ لِلجَمَاعَةِ
          وَقَالَتْ أَسْمَاءُ لِلقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَابنِ أَبِي عَتِيْقٍ: وَرِثْتُ عَنْ أُختي عَائِشَةَ(1) بِالغَابَةِ، وَقَدْ أَعْطَاني بِهِ(2) مُعَاوِيَةُ مِائَةَ أَلْفٍ فَهُوَ لَكُمَا.
          فيهِ سَهْلٌ: (أُتِي النَّبيَّ صلعم بِشَرَابٍ، فَشَرِبَ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ، فَقَالَ لِلغُلاَمِ: إِنْ أَذِنْتَ لِي أَعْطَيْتُ(3) هَؤُلَاءِ، قَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا(4) يَا رَسُولَ اللهِ(5)، فَتَلَّهُ في يَدِهِ). [خ¦2602]
          عرضَ البخاريُّ في هذا البابِ والبابين بعده الردَّ على أبي حنيفةَ في إبطاله هبة المشاعِ، فإنَّه يقولُ: إِذَا وهَبَ رجلٌ دارًا لرجلين أو متاعًا، وذلك المتاَعُ ممَّا ينقسمُ(6) فقبضاه(7) جميعًا، فإنَّ ذلكَ لا يجوزُ إلَّا أنْ يقسمَ كلُّ واحدٍ منهما حصَّتهُ؛ لأنَّ الهبةَ مِنْ شرطِ صحَّتها عَنْدهُ القَبض.
          وذهبَ مالكٌ وأبو يُوسُفَ ومُحَمَّدٌ والشَّافعيُّ إلى أنَّ هبةَ الواحدِ للجماعةِ جائزةٌ، وقالوا: لَو وهبَ شقصًا مِنْ دارٍ أو عبدًا(8) جازَ، وإنْ لمْ يكن مقسومًا، وبه قالَ أحمدُ وإِسْحَاقُ وأبو ثَوْرٍ(9)، وحجَّةُ مَنْ أجازَ ذلك أنَّ النَّبيَّ صلعم سألَ الغلامَ أنْ يهبَ نصيبه مِنَ اللَّبنِ للأشياخِ، ومعلومٌ أنَّ نصيبَهُ مِنْه مشاعٌ(10) في اللَّبنِ، غير متميزٍ ولا منفصلٍ في القدحِ، وهذا خلاف ما ذهبَ إِليَّه أبو حنيفةَ، فلا معنى لهُ(11).


[1] قولهُ: ((عائشةَ)) ليس في (ز).
[2] قولهُ: ((به)) ليس في (ز).
[3] في (ز): ((لأعطيته)).
[4] في (ص): ((أحد)).
[5] قولهُ: ((يا رسول الله)) ليس في (ز).
[6] في (ز): ((يقسم)).
[7] في المطبوع: ((فيقبضاه))، وفي (ز): ((يقبضاه)).
[8] في (ز): ((عبد)).
[9] قولهُ: ((وأبو ثور)) ليس في (ص).
[10] في (ز): ((نصيبه منه كان مشاعًا)).
[11] في (ز): ((لقوله)).