شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من استسقى

          ░4▒ بَابُ مَنِ اسْتَسْقَى
          وَقَالَ سَهْلٌ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صلعم: (اسْقِنِي).
          فيهِ أَنَسٌ قَالَ(1): (أَتَانَا النَّبِيُّ صلعم في دَارِنَا هَذِهِ، فَاسْتَسْقَى فَحَلَبْنَا شَاةً لَنَا، ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِنَا هَذِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ، وَعُمَرُ تُجَاهَهُ، وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْطَى الأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ(2)، ثُمَّ قَالَ: الأَيْمَنُونَ، الأَيْمَنُونَ(3)، أَلَا فَيَمِّنُوا)، قَالَ أَنَسٌ(4): فَهِيَ(5) سُنَّةٌ، ثَلاَثًا. [خ¦2571]
          هذا مثلُ الباب الَّذي قبله، لا بأسَ بطلب مَا يتعارف النَّاس بطلب مثله مِنْ شُرب الماء والَّلبن، وما تطيبُ بهِ النَّفسُ، ولا يُتشاحُّ(6) فيهِ، ولاسيَّما أنَّ زمنَ النَّبِيِّ صلعم زمنُ مُكارمةٍ ومُشاركةٍ، وقد وصفهم اللهُ تعالى أنَّهم كانوا يؤِثرون على أنفسهم، وإنَّما أعطى الأعرابيَّ ولم يستأذنه كما استأذن الغلام ليتألَّفه بذلك لقرب عهدِهِ بالإسلامِ.
          وفيهِ أنَّ السُّنَّة لِمَنِ استسقى أن يسقي مَنْ(7) على يمينه، وإن كان مَنْ(8) على(9) يساره أفضلُ مِمَّنْ جلسَ على(10) يمينه، أَلَا ترى قوَل أَنَسٍ: فهي سُنَّةٌ ثلاثَ مرَّاتٍ، وذلك يدلُّ على تأكيدها، وقد تقدَّم بيان هذا المعنى(11) في كتاب الأشربة [خ¦5612].


[1] قوله: ((قال)) ليس في (ز).
[2] قوله: ((فضله)) ليس في (ز).
[3] في (ز): ((فالأيمنون)).
[4] قوله: ((أَلَا فيمِّنُوا قال أنس)) ليس في (ز).
[5] في (ز): ((فكانت)).
[6] في (ص) تحتمل: ((ولا تشاح)).
[7] قوله: ((من)) ليس في (ز).
[8] قوله: ((من)) ليس في (ص).
[9] في (ز): ((عن)).
[10] في (ز): ((على)).
[11] قوله: ((المعنى)) ليس في (ز).