شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب الإشهاد في الهبة

          ░13▒ بَابُ الإِشْهَادِ في الهِبَةِ
          فيهِ النُّعْمَانُ: (أَعْطَاني أبي عَطِيَّةً، فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللهِ صلعم، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلعم فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابني مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاتَّقوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ) قَالَ: فَرَجِعَ(1) فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ. [خ¦2587]
          الإشهاد ليس مِنْ شروط الهبة والصَّدقة الَّتي لا تتمُّ إلَّا بها، وإنَّما هو ليعلم عزيمة المتصِّدق على إنفاذ ما تصدَّق به أو وهب، ولو أنَّ رجلًا تصدَّق على أحدٍ(2) بشيءٍ، وحازَه(3) المتصدِّق عليه دون إشهاد حتَّى مات المتصدِّقُ، فأقرَّ ورثته وهم بالِغُونَ بالصَّدقة / لنفذت، وإن كان لم يشهد عليها في الأصل عند مالكٍ وأصحابه، وإنَّما الإشهاد في الهبة كالإشهاد في البيع والعتق ليعلم ذلك.
          قال المُهَلَّبُ: وفيهِ أنَّ الإمامَ(4) إذا عرفَ مِنَ الواهب هروبًا مِنْ بعضِ الورثةِ(5) أنْ يردَّ ذلك؛ لأنَّ قولَه: (فَأَمَرْتَنِي(6) أَنْ أُشْهِدَكَ)، وأنَّها لم ترَضَ حتَّى يشهَدَ رسولُ اللهِ صلعم دليلٌ على هروبه بماله عن سائر بنيه؛ لأنَّ في بعضِ طُرُق الحديث: ((لَا أَشْهدُ عَلَى جَوْرٍ))، وكان معروفًا بالميل(7) إلى تلك المرأة.


[1] قوله: ((قال فرجع)) ليس في (ز).
[2] في (ز): ((آخر)).
[3] في (ص): ((وحوزه)).
[4] في (ز): ((للإمام)).
[5] زاد في (ز): ((أنَّ للإمام)).
[6] في (ز): ((تأمرني)).
[7] قوله ((بالميل)) ليس في (ز).