شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل: قبلت

          ░20▒ بَابٌ إِذَا وَهَبَ هِبَةً فَقَبَضَهَا الآخَرُ وَلَمْ يَقُلْ: قَبِلْتُ
          فيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ:(1) (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلعم فَقَالَ: هَلَكْتُ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ بِأَهْلِي في رَمَضَانَ) الحديثَ، (فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ، وَهُوَ مِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ، قَالَ: اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، قَالَ: مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَحْوَجُ مِنَّا(2)، قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ). [خ¦2600]
          القبضُ في الهبةِ هو غايةُ القبولِ، فلا يحتَاجُ القابضُ أنْ يقولَ: قَبِلتُ، وهو قد قَبَضها، وعَلى هذا جماعةُ العلماءِ، ألا ترى أنَّ(3) الواقعَ على أهلهِ في رمضانَ قبضٌ مِنَ النَّبيِّ صلعم المُكَتَلِ مِنَ التَّمر، ولم يقل: قبلته، إِذْ كان مستغنيًا عن ذلكَ بحصوله عِنْدَه، ومثلُ هذا المعنى في حديثِ جابرٍ حينَ اشترى منه النَّبيُّ صلعم الجملَ، فلمَّا دَفَعَ إليه الثَّمنَ، قالَ: الثَّمنُ والجملُ لكَ، ولمْ يقلْ له جابرٌ(4): قد قَبِلْتُهُ يا رسولَ اللهِ، فدَّل ذلك على أنَّ الهِبةَ تتمُّ بإعطاءِ الواهبِ وقبضِ الموهوبِ له دونَ قوله(5) باللِّسانِ: قد قَبِلْتُ، وأمَّا إِذَا قالَ(6): قبلتُ، ولمْ يَقْبضَ، فتعودُ المسألةُ إلى ما تقدَّمَ مِن اخْتِلافِهم في قبضِ الهبةِ في البابِ قبل هذا [خ¦2599].


[1] قوله: ((قالَ)) ليس في (ز).
[2] في (ص): ((منَّي)).
[3] في (ز): ((إلى)).
[4] في المطبوع: ((يقل جابر)).
[5] في (ز): ((قول)).
[6] قولهُ: ((قال)) ليس في (ص).