عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: قال أبو لهب عليه لعنة الله للنبي
  
              

          1394- (ص) حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ: قَالَ أَبُو لَهَبٍ _عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ_ لِلنَّبِيِّ صلعم : تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد:1].
          (ش) مطابقته للترجمة في قوله: (قَالَ: قَالَ أَبُو لَهْبٍ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ) فإنَّ ابنَ عَبَّاسٍ ذكر أبا لهبٍ باللعنة عليه، وهو مِن شرار الموتى.
          وقال الإسماعيليُّ: هذا الحديث مرسلٌ؛ لأنَّ هذه الآيةَ الكريمةَ نزلت بِمَكَّةَ المشرَّفة، وكان ابنُ عَبَّاس إذ ذاك صغيرًا انتهى، بل كان على بعض الأقوالِ غيرَ موجود، واعتُرِضَ على البُخَاريِّ في تخريجه هذا الحديث في هذا الباب؛ لأنَّ تبويبَه له يدلُّ على العموم في شرار المؤمنين والكافرين، وكأنَّه نسِيَ حديثَ أنسٍ: (مرُّوا بجنازة، فأثنوا عليها شرًّا...) الحديث، فتَرْكُ النَّبِيِّ صلعم نهيَهُم عن ذكر الشرِّ [يدُلُّ] أنَّ للنَّاس أن يذكروا الميِّتَ بما فيه مِن شرٍّ إذا كان شرُّه مشهورًا، وأجيب: بأنَّه يحتمل أن يريد الخصوصَ، فطابقت الآيةُ الترجمةَ، أو يريد العمومَ قياسًا للمسلمِ المجاهرِ بالشرِّ على الكافر؛ لأنَّ المسلمَ الفاسقَ لا غيبة له، انتهى.
          قُلْت: قد مرَّ الجوابُ عنه في الباب السابق بأوجهَ مِن هذا وأوضحَ.