عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه
  
              

          ░4▒ (ص) بابٌ الرَّجُلُ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ يُذكر فيه الرَّجل يَنْعَى إلى أهلِ الميِّت.
          فقوله: [(بَابٌ) منوَّن خبرُ مبتدأ محذوفٍ كما قَدَّرنا.
          وقوله: (الرَّجُلُ) مرفوعٌ على أنَّهُ مبتدأ.
          وقوله]
: (يَنْعَى) خبره، ومعنى: ينعى إلى أهل الميِّتِ، يُظهِرُ خبرَ موته إليهم، يقال: نَعَاهُ يَنْعاه نَعْيًا ونُعْيانًا، وهو مِن (باب فعل يفعَل) بفتح العين فيهما، وفي «المُحكَم»: النَّعْيُ الدعاء بموت الميِّت والإشعار به، وفي «الصحاح»: النَّعْيُ خبرُ الموت، وكذلك النَّعِيُّ على «فَعِيل»، وفي «الواعي»: النَّعِيُّ على «فَعِيل» هو نداء الناعي، والنَّعِيُّ أيضًا: هو الرجل الذي يُنْعَى، والنَّعِيُّ: الرجل الميِّت، والنَّعْيُ الفعل، والضَّمير في (بِنَفْسِهِ)، يرجع إلى الميِّت؛ أي: بنفسِ الميِّت، وهذه الترجمةُ بهذه الصفة هي المشهورة في أكثر الروايات، وفي رواية الكُشْميهَنيِّ بحذف الباء في (بنفسه) ؛ أي: ينعى نفس الميِّت إلى أهله، وفي رواية الأصيليِّ سقط ذكر (الأهل)، وليس لها وجهٌ، وقال المُهَلَّب: الصَّواب أن يقول: بابٌ الرَّجلٌ يَنعَى إلى النَّاس الميتَ بنفسه، وإليه مال ابن بَطَّالٍ فقال: في الترجمة خَلَلٌ، ومقصود البُخَاريِّ: بابٌ الرجلُ يَنعَى إلى الناس الميِّتَ بنفسه، ويكون (الميِّتَ) نصبًا مفعولَ: (يَنعى)، [وقال الكَرْمَانِيُّ: لا خلل فيه لجوازِ حذف المفعول عند القرينة]، وقال بعضهم نصرةً للبُخَاريِّ: التَّعبير بـ«الأهل» لا خَلَل فيه؛ لأنَّ مراده به ما هو أعمُّ مِن القرابة أو أُخوَّة الدِّين، وهو أولى مِنَ التعبير بالناس؛ لأنَّه يُخرِج مَن ليس له به أهليَّة كالكفَّار.
          قُلْت: فيه نظرٌ؛ لأنَّ الأهلَ لا يُستعمل في أُخوَّة الدِّين، وقد تكلَّم جماعةٌ في هذا الموضع بما لا طائل / تحته، وفيما ذكرناه كفاية فافهم.