عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

باب قراءة الفاتحة الكتاب على الجنازة
  
              

          ░65▒ (ص) باب قِرَاءَةِ الفَاتِحَةِ عَلَى الْجَنَازَةِ.
          (ش) أي: هذا بابٌ في بيان مشروعيَّة قِرَاءَة الفَاتِحَة عَلَى الجَنَازَةِ، وقد اختلفوا فيه؛ فنقل ابن المنذر عن ابن مسعودٍ والحسن بن عليٍّ وابن الزُّبَير والمسور بن مَخرمة مشروعيَّتها، وبه قال الشَّافِعِيُّ وأحمد وإسحاق، ونُقِل عن أبي هُرَيْرَة وابن عمر: ليس فيها قراءة، وهو قول مالكٍ والكوفيين.
          قُلْت: وليس في صلاة الجنازة قراءةُ القرآن عندنا، وقال ابن بَطَّالٍ: وممَّن كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة وينكر عُمَر بن الخَطَّاب، وعليُّ بن أبي طالب، وابن عمر، وأبو هُرَيْرَة، ومِنَ التَّابِعينَ عطاءٌ، وطاووس، وسعيد بن المُسَيَّـِبِ، وابن سِيرِين، وسعيد بن جُبَير، والشَّعبيُّ، والحكَم، وقال ابن المنذِر: ومجاهدٌ وحمَّاد، وبه قال الثَّوْريُّ، وقال مالكٌ: قراءة الفاتحة ليست معمولًا بها في بلدنا في صلاة الجنازة، وعند مكحولٍ والشَّافِعِيِّ وأحمد وإسحاق: يقرأ الفاتحة في الأولى، وقال ابن حزمٍ: يقرؤها في كلِّ تكبيرةٍ [عند الشَّافِعِيِّ، وهذا النقل عنه غلطٌ، وقال الحسن البِصْريُّ: يقرؤها في كلِّ تكبيرةٍ]، وهو قول شَهْر بن حَوْشَب، وعن المِسوَر بن مَخرَمة: يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وسورةً قصيرة.
          (ص) وَقَالَ الْحَسَنُ: يَقْرَأُ عَلَى الطِّفْلِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا فَرَطًا وَسَلَفًا وَأَجْرًا.
          (ش) (الْحَسَنُ) هو البِصْريُّ، ووصله أبو نصرٍ عبد الوَهَّاب بن عطاء الخفَّاف في كتاب «الجنائز» _تأليفَه_ عن سعيد بن أبي عَروبة: أنَّهُ سُئِلَ عن الصَّلاة على الصَّبيِّ فأخبرهم عن قتادة، عن الحسنٍ، أنَّهُ كان يكبِّر ثُمَّ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا سَلَفًا وَفَرَطًا وَأَجْرًا.
          قوله: (فَرَطًا) (الفَرَطُ) بالتحريك، الذي يتقدَّم الواردة فيهيِّئ لهم أسباب المنزل.
          قوله: (وَسَلَفًا) بتحريك اللام؛ أي: متقدِّما إلى الجنَّة لأجلنا.