-
خطبة الشارح
-
كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله
-
كتاب الإيمان
-
كتاب العلم
-
كتاب الوضوء
-
كتاب الغسل
-
كتاب الحيض
-
كتاب التيمم
-
كتاب الصلاة
-
كتاب مواقيت الصلاة
-
كتاب الأذان
-
أبواب صفة الصلاة
-
كتاب الجمعة
-
أبواب صلاة الخوف
-
كتاب العيدين
-
كتاب الوتر
-
كتاب الاستسقاء
-
كتاب الكسوف
-
أبواب سجود القرآن
-
أبواب تقصير الصلاة
-
أبواب التهجد
-
أبواب التطوع
-
كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة
-
أبواب العمل في الصلاة
-
أبواب السهو
-
كتاب الجنائز
-
حديث: أتاني آت من ربي فأخبرني أنه من مات من أمتي
-
حديث: من مات يشرك بالله شيئا دخل النار
-
باب الأمر باتباع الجنائز
-
باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه
-
باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه
-
باب الإذن بالجنازة
-
باب فضل من مات له ولد فاحتسب
-
باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري
-
باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر
-
باب ما يستحب أن يغسل وترا
-
باب: يبدأ بميامن الميت
-
باب مواضع الوضوء من الميت
-
باب: هل يكفن المرأة في إزار الرجل
-
باب: يجعل الكافور في آخره
-
باب نقض شعر المرأة
-
باب: كيف الإشعار للميت؟
-
باب: هل يجعل شعر المرأة ثلاثة قرون؟
-
باب: يلقى شعر المرأة خلفها
-
باب الثياب البيض للكفن
-
باب الكفن في ثوبين
-
باب الحنوط للميت
-
باب: كيف يكفن المحرم؟
-
باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف
-
باب الكفن بغير قميص
-
باب الكفن بلا عمامة
-
باب الكفن من جميع المال
-
باب: إذا لم يوجد إلا ثوب واحد
-
باب إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه أو قدميه غطى بة رأسه
-
باب من استعد الكفن في زمن النبي فلم ينكر عليه
-
باب اتباع النساء الجنازة
-
باب إحداد المرأة على غير زوجها
-
باب زيارة القبور
-
باب قول النبي: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه
-
باب ما يكره من النياحة على الميت
-
باب
-
باب: ليس منا من شق الجيوب
-
باب: رثاء النبي سعد بن خولة
-
باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة
-
باب: ليس منا من ضرب الخدود
-
باب ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة
-
باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن
-
باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة
-
باب الصبر عند الصدمة الأولى
-
باب قول النبي: إنا بك لمحزونون
-
باب البكاء عند المريض
-
باب ما ينهى عن النوح والبكاء والزجر عن ذلك
-
باب القيام للجنازة
-
باب متى يقعد إذا قام للجنازة؟
-
باب من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال
-
باب من قام لجنازة يهودي
-
باب حمل الرجال الجنازة دون النساء
-
باب السرعة بالجنازة
-
باب قول الميت وهو على الجنازة: قدموني
-
باب من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام
-
باب الصفوف على الجنازة
-
باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز
-
باب سنة الصلاة على الجنائز
-
باب فضل اتباع الجنائز
-
باب من انتظر حتى تدفن
-
باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز
-
باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد
-
باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور
-
باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها
-
باب: أين يقوم من المرأة والرجل؟
-
باب التكبير على الجنازة أربعا
-
باب قراءة الفاتحة الكتاب على الجنازة
-
باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن
-
باب الميت يسمع خفق النعال
-
باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها
-
باب الدفن بالليل
-
باب بناء المسجد على القبر
-
باب من يدخل قبر المرأة
-
باب الصلاة على الشهيد
-
باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد
-
باب من لم ير غسل الشهداء
-
باب من يقدم في اللحد
-
باب الإذخر والحشيش في القبر
-
باب: هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟
-
باب اللحد والشق في القبر
-
باب: إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه
-
باب: إذا قال المشرك عند الموت لا إله إلا الله
-
باب الجريد على القبر
-
باب موعظة المحدث عند القبر وقعود أصحابه حوله
-
باب ما جاء في قاتل النفس
-
باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين
-
باب ثناء الناس على الميت
-
باب ما جاء في عذاب القبر
-
باب التعوذ من عذاب القبر
-
باب: عذاب القبر من الغيبة والبول
-
باب الميت يعرض عليه بالغداة والعشي
-
باب كلام الميت على الجنازة
-
باب ما قيل في أولاد المسلمين
-
باب ما قيل في أولاد المشركين
-
باب
-
باب موت يوم الاثنين
-
باب موت الفجأة البغتة
-
باب ما جاء في قبر النبي وأبى بكر وعمر
-
باب ما ينهى من سب الأموات
-
باب ذكر شرار الموتى
-
حديث: أتاني آت من ربي فأخبرني أنه من مات من أمتي
-
كتاب الزكاة
-
أبواب صدقة الفطر
-
كتاب الحج
-
أبواب العمرة
-
أبواب المحصر
-
باب جزاء الصيد
-
باب فضائل المدينة
-
كتاب الصوم
-
كتاب صلاة التراويح
-
كتاب الاعتكاف
-
كتاب البيوع
-
كتاب السلم
-
كتاب الشفعة
-
كتاب الإجارة
-
كتاب الحوالة
-
كتاب الكفالة
-
كتاب الوكالة
-
كتاب المزارعة
-
كتاب المساقاة
-
كتاب الاستقراض
-
كتاب الخصومات
-
كتاب في اللقطة
-
كتاب المظالم
-
كتاب الشركة
-
كتاب الرهن
-
كتاب العتق
-
كتاب المكاتب
-
كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها
-
كتاب الشهادات
-
كتاب الصلح
-
كتاب الشروط
-
كتاب الوصايا
-
كتاب الجهاد والسير
-
كتاب الخمس
-
كتاب الجزية والموادعة
-
كتاب بدء الخلق
-
كتاب أحاديث الأنبياء
-
كتاب المناقب
-
كتاب فضائل الصحابة
-
كتاب مناقب الأنصار
-
كتاب المغازي
-
كتاب التفسير
-
كتاب فضائل القرآن
-
كتاب النكاح
-
كتاب الطلاق
-
كتاب العدة
-
كتاب النفقات
-
كتاب الأطعمة
-
كتاب العقيقة
-
كتاب الذبائح والصيد
-
كتاب الأضاحي
-
كتاب الأشربة
-
كتاب المرضى
-
كتاب الطب
-
كتاب اللباس
-
كتاب الأدب
-
كتاب الاستئذان
-
كتاب الدعوات
-
كتاب الرقاق
-
كتاب القدر
-
كتاب الأيمان والنذور
-
كتاب كفارات الأيمان
-
كتاب الفرائض
-
كتاب الحدود
-
كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة
-
كتاب الديات
-
كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم
-
كتاب الإكراه
-
كتاب الحيل
-
كتاب التعبير
-
كتاب الفتن
-
كتاب الأحكام
-
كتاب التمني
-
كتاب أخبار الآحاد
-
كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة
-
كتاب التوحيد
░42▒ (ص) بَابُ الصَّبْرِ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى.
(ش) يجوز في (بَابٌ) التنوينُ، ويجوزُ بالإضافة إلى (الصَّبْرِ)، وعلى التَّقديرَين ارتفاعُ (بَابٌ) على أنَّهُ خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ؛ أي: هذا بَابٌ، ولفظُ (الصَّبرِ) عند إضافة (الباب) إليه يكونُ مجرورًا بالإضافة، وعند كونِ (الباب) مُنوَّنًا يكون لفظ (الصَّبرُ) مرفوعًا على الابتداء، وخبرُه قوله: (عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى).
(ص) وَقَالَ عُمَرُ ☺ : نِعْمَ الْعِدْلَانِ! وَنِعْمَ الْعِلَاوَةُ! {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة:156-157].
(ش) مطابقته للترجمة مِن حيثُ إنَّ اللهَ تعالى أخبرَ عَنِ الصَّابرين الذين يقولون عندَ المصيبة: ({إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ})، وأخبر أنَّهم هم الذين ({عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ})، وأخبر أنَّهم ({هُمُ الْمُهْتَدُونَ})، وإِنَّما استحقُّوا هذه الفضائلَ الجزيلةَ بصبرِهم المُبشَّرِ عليه بهذه البشارةِ، وهو الصَّبر عند الصدمةِ الأولى، وهو الصَّبرُ المحمودُ الذي يكون عندَ مفاجأة المصيبة، فَإِنَّهُ إذا طالتِ الأيَّامُ عليها وقعَ السُّلوُّ، وصارَ الصَّبرُ حينئذٍ طبعًا.
قوله: (نِعْمَ الْعِدْلَانِ!) بكسر العين؛ أي: المِثْلَان، وقال المُهَلَّب: «العِدْلَان» الصلواتُ والرحمةُ، و(الْعِلَاوَةُ) : ({وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ})، وقيل: ({إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}) العِلَاوةُ / التي يُثابُ عليها، وقال ابنُ التِّين: قال أبو الحسن: «العِدْلُ الواحدُ» قولُ المصاب: {إِنَّا لِله} إلى آخرها، و«العِدْلُ الثاني» الصلواتُ التي عليهم مِن الله تعالى، [و«العِلاوةُ»: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} وهو ثناءٌ مِنَ الله عليهم]، وقالَ الدَّاوديُّ: إِنَّما هو مَثَلٌ ضربَه للجزاء، فالعِدلان عِدلَا البعيرِ أو الدَّابَّة، و«العِلاوةُ» الغِرارةُ التي تُوضَعُ في وسَط العِدلَين مملوءةً، يقول: كَمَا حملت هذه الرَّاحلةُ وسقَها، فَإِنَّها لم يبقَ موضعٌ يُحمَلُ عليه؛ فكذلك أُعطيَ هذا الأجرَ وافرًا، وعلى قول الداوديِّ يكونُ (العِدلان) و(العِلاوةُ) : {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ} إلى {الْمُهْتَدُونَ}، وقال ابن قُرْقُولَ: العِدْلُ هنا: نصفُ الحملِ على أحد شِقَّي الدابَّة، والحِملُ عِدلان، و«العِلاوةُ» ما جُعِلَ بينهما، وقيل: ما عُلِّقَ على البعير، ضربَ ذلك مثلًا بقوله: {صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} قالَ: فالصلواتُ عِدْلٌ، والرحمةٌ عِدْلٌ، وَ{أُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} العِلاوةُ، وقال الفَرَّاء: «العَدْل» بالفتح: ما عَادَلَ الشيء مِن غير جنسه، وبالكسر: الِمثْلُ، و«العِلَاوةُ» بالكسر: ما عُلِّقَت على البعيرِ بعد تمامِ الوقر؛ نحو السِّقاء وغيرِه.
قوله: (نِعْمَ) كلمةُ مَدحٍ، و(العِدْلَان) فاعلُه، (وَنِعْمَ الْعَلَاوَةِ!) عطفٌ عليه، وقوله: ({الَّذِينَ}) هو المخصوصُ بالمدح، وقال الكَرْمَانِيُّ: والظَّاهرُ أنَّ المرادَ بـ«العدلين» القولُ وجزاؤه؛ أي: قولُ الكلمتَين ونوع الثواب، وهما متلازمان في أنَّ العِدلَ الأَوَّلَ مُرَكَّبٌ مِنَ كلمتين، والثاني مِنَ النَّوعين مِنَ الثَّوابِ، ومعنى «الصَّلاة مِن الله» المغفرةُ.
ثُمَّ هذا الأثرُ المُعلَّق وصلَه الحاكم في «مستدركه» مِن طريق جرير عن منصور، عن مجاهد، عن سعيد بن المُسَيَّـِبِ، عن عمرَ ☺ ...، كما ساقه البُخَاريُّ، وزاد: ({أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}) نِعمَ العِدلان! و({أُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}) نِعْمَ العِلاوة! وهكذا أخرجَه البَيْهَقيُّ عنِ الحاكم.
(ص) وَقَوْلِهِ: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}[البقرة:45].
(ش) (وَقَوْلِهِ) مجرورٌ؛ لأنَّه عطفٌ على قوله: (بَابُ الصَّبرِ) والتقدير: وبابِ قولِهِ تعالى: {وَاسْتَعِينُوا} الآية، ويجوزُ أن يكونَ مرفوعًا عطفًا على قوله: (الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى) على تقدير قطع الإضافة في لفظ: (باب) كما ذكرنا فيه الوجهين.
وجهُ ذكرِ هذه الآية الكريمة هنا هو أنَّهُ لمَّا كانَ المُعتبَرُ مِنَ الصَّبر هو الصَّبرَ عند الصَّدمة الأولى _الذي ذكرنا معناه_ يأتي الصَّابرُ بصبرٍ مقرونٍ بالصَّلاة؛ ولهذا كان النَّبِيُّ صلعم إذا حزبه أمرٌ صلَّى، رواه أبو داود، وروى الطَّبريُّ في «تفسيره» بإسنادٍ حَسَنٍ عن ابن عَبَّاس ☻: أنَّهُ نُعِيَ إليه أخوه قُثَمُ وهو في سفرٍ، فاسترجعَ، ثُمَّ تنحَّى عن الطريقِ، فأناخَ فصلَّى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثُمَّ قامَ وهو يقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} الآية، قال المُفسِّرون: معنى الآية: استعينُوا على ما يستقبلكم مِن أنواع البلايا بالصَّبر والصَّلاة، وقيل: في أمر الآخرة، وقيل: في ترك الرِّياسة، و(الصبرُ) الحبسُ؛ لأنَّ الصابرَ حابسٌ نفسَه على ما تكرهُه، وسُمِّيَ الصومُ صبرًا لحبسِ النَّفسِ فيه عن الطعام وغيرِه، ونهى صلعم عن قتل شيءٍ مِنَ الدَّوابِّ صَبرًا؛ وهو أن يُحبَس حيًّا، وقيل: المراد بـ«الصَّبر» في هذه الآية الصَّومُ، قاله مجاهد.
قوله: ({وَإِنَّها}) أي: وإنَّ الصَّلاةَ، ولم يقل: وإنَّهما، مع أنَّ المذكورَ الصَّبرُ والصَّلاةُ، فقيل: لأنَّه رَدَّ الضَّميرَ إلى ما هو الأهمُّ والأغلب؛ كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا}[التوبة:34]، ردَّ الضميرَ إلى {الفضَّةِ} لأنَّها أعمُّ وأغلب.
فَإِنْ قُلْتَ: ما وجهُ الاستعانة بالصَّلاة؟
قُلْت: لمَّا كانَ فيها تلاوةُ القرآن والدعاءُ والخضوعُ لله تعالى؛ كان ذلكَ معونةً إلى ما تُنازِعُ إليه النفسُ مِن حبِّ الرِّياسة والأنفةِ مِنَ الانقيادِ إلى الطاعة.
قوله: ({لَكَبِيرَةٌ}) أي: شديدةٌ ثقيلةٌ على الكافرين إلَّا على الخاشعين ليست بكبيرةٍ، و(الخاشع) الذي يُرَى أثرُ الذُّلِ والخضوع عليه، و(الخشوعُ) في اللُّغة: السكون، قالَ: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ / لِلرَّحْمَنِ}[طه:108]، وقيل: الخشوع في الصوت والبصر، والخضوع في البدن.
فَإِنْ قُلْتَ: قد علمتَ أنَّ العبدَ منهيٌّ عن الهجرِ وتسخُّطِ قضاء الرَّبِّ في كلِّ حال، فما وجهُ خصوص نزولِ النَّائبة بالصَّبر في حالِ حدوثها؟
قُلْت: لأنَّ النَّفسَ عند هجوم الحادثة تتحرَّك على الخشوع ليسَ في غيرها مثله، وذلك يضعفُ على ضبط النَّفس فيها كثيرٌ مِنَ الناس، بل يصيرُ كلُّ جازعٍ بعدَ ذلك إلى السلوِّ ونسيان المصيبة والأخذ بقهرِ الصَّابرِ النَّفسَ، وغلبته هواها عندَ صدمته؛ إيثارًا لأمرِ الله على هوى نفسِه، ومنجزًا لموعده، بل السَّالي عن مُصابِه لا يستحقُّ الصبرَ على الحقيقة؛ [لأنَّه آثرَ السُّلوَّ على الجزعِ واختارَه، وإِنَّما الصَّبرُ على الحقيقة] مَن صبَّر نفسَه وحبسَها عَن شهوتِها، وقهرَها عنِ الحزنِ [والجزع والبكاء الذي فيه راحةُ النَّفسِ، وإطفاءٌ لنارِ الحزن]، فإذا قابلَ سَورةَ الحزنِ وهجومَه بالصَّبر الجميل، وتحقَّق أنَّهُ لا خروجَ له عن قضائه، وأنَّه يرجع إليه بعدَ الموت؛ استحقَّ حينئذٍ جزيلَ الأجرِ، وعُدَّ مِنَ الصابرين الذين وعدَهم اللهُ بالرَّحمة والمغفرة.