الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت.

          3773- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ): تصغير: عبد (ابْنُ إِسْمَاعِيلَ): هو: أبو محمَّد القرشي الهبَّاري، واسمه: عبد الله، وعُبيد لقبٌ غلب عليه، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ): هو: حمَّاد بن أسامة (عَنْ هِشَامٍ): بكسر الهاء؛ أي: ابن عروة بن الزبير (عَنْ أَبِيهِ): أي: عروة.
          (عَنْ عَائِشَةَ): أي: الصِّدِّيقة (♦ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ): بالمد؛ أي: أختها من أبي بكرٍ ♥ (قِلاَدَةً): بكسر القاف وتخفيف اللام، والجمع: قلائد، قيل: كان ثمنُها اثني عشر درهماً (فَهَلَكَتْ): بفتح ما عدا تاء التأنيث؛ أي: فضاعت القلادةُ، ولا يُنافي ما هُنا أنها استعارتها، قولها في الرواية الأخرى: ((عقدٌ لي)) لأن الإضافةَ إليها لأدنى ملابسةٍ لكونها في يدها، والقلادةُ هي عقدٌ أيضاً.
          (فَأَرْسَلَ): أي: بعثَ (رَسُولُ اللَّهِ صلعم نَاساً مِنْ أَصْحَابِهِ): قال في التيمم: رجلاً، وفُسِّر بأسيدِ بن حُضَير، بالتَّصغير فيهما، فالتَّعبير بالجمعِ لإرادة الجنس (فِي طَلَبِهَا): أي: القلادة؛ أي: من الموضعِ الذي كانوا نزلوا فيه (فَأَدْرَكَتْهُمُ): بسكون التاء؛ أي: المرسلين من أصحابه (الصَّلاَةُ): لم تُعلم هذه الصلاة (فَصَلَّوْا): بفتح اللام المشددة (بِغَيْرِ وُضُوءٍ): بضم الواو؛ أي: لعدمِ الماء، ولم يكُن نزل التَّيمُّم.
          (فَلَمَّا أَتَوُا): بفتح الفوقية (النَّبِيَّ): ولأبي ذرٍّ: <رسول الله> (صلعم): أي: وأتوا بالعقد، قال ابنُ التين: ليست هذه اللفظةُ محفوظة؛ أي: بل المحفوظُ قولها: ((فأثَرْنا البعيرَ فوجدنا العقدَ تحته)).
          (شَكَوْا): بفتح الشين المعجمة والكاف، من الشِّكاية (ذَلِكَ): أي الأمرَ الذي وقعَ لهم من عدم الماء ومن صلاتِهم بغيرِ وضوء (إِلَيْهِ): أي: إلى النَّبي صلعم (فَنَزَلَتْ): بفتحات (آيَةُ التَّيَمُّمِ): أي: التي في أوائل سورة المائدة وهي: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6].
          (فَقَالَ أُسَيْدُ): مصغَّر: أسد (ابْنُ حُضَيْرٍ): تصغير: حضر، ضدُّ: السفر؛ أي: الأوسي الأشهلِي، وزاد في التيمم لعائشة.
          (جَزَاكِ): بكسر الكاف؛ لأنه خطابٌ لعائشة (اللَّهُ خَيْراً): بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية؛ أي: ثواباً (فَوَاللَّهِ): قسم (مَا نَزَلَ بِكِ): بكسر الكاف (أَمْرٌ): أي: شيءٌ حادثٌ من كربة ومضايقة (قَطُّ): بتشديد الطاء (إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجاً): بفتح الميم والراء بينهما خاء معجمة ساكنة (وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ): أي: في ذلكَ الأمر (بَرَكَةً): بفتحات.
          وسبق الحديث في التَّيمم مع الكلام عليه مبسوطاً.
          ومطابقةُ الحديثِ للتَّرجمة لإشارتهِ إلى فضلِ عائشة ♦.
          قال النووي: فيه دليلٌ على أن من عدم الماءَ والتراب يصلِّي على حاله، وللشافعي فيه أربعةُ أقوالٍ: أصحُّها: أنه يجبُ عليه أن يصلِّي، / ويجب أن يُعيدها.
          الثاني: يحرمُ عليه الصَّلاة وتجبُ عليه الإعادة.
          الثالث: لا تجبُ عليه، ولكن تستحبُّ ويجب القضاء.
          الرابع: تجبُ الصلاة ولا تجبُ الإعادة، وهذا مذهبُ المزني.
          وعند أبي حَنيفة ☼: يمسكُ عن الصلاة، ولا يجبُ عليه التَّشبُّه.
          وعند أبي يُوسف ومحمد: يجبُ التَّشبُّه ولا خلافَ في وجوب القضاء.