الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ذكر معاوية

          ░28▒ (باب ذِكْرِ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِيْ سُفْيَانِ ☻): سقط: <باب> لأبي ذرٍّ، هو: معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد منافٍ القرشي الأموي، ويُكنى أبو سفيان: أبا حنظلة أيضاً، ويكنى معاوية: أبا عبد الرحمن، يجتمعُ مع النبي صلعم في عبدِ منافٍ، أسلمَ قبل الفتح وأسلمَ أبوه بعدهُ، وأمهُ هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وأسلمت أمه أيضاً بعده وكتب معاويةُ للنبي صلعم.
          وقال في ((التهذيب)): أسلمَ هو وأبوهُ أبو سفيان، وأخوهُ يزيد بن أبي سفيان، وأمه هندٌ في فتح مكة، وكان معاويةُ يقول: إنه أسلم يوم الحديبية وكتمَ إسلامه من أبيه وأمه وشهد مع رسول الله صلعم حنيناً، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير وأربعين أوقية، وكان هو وأبوهُ من المؤلَّفةِ قلوبُهُم ثم حسُنَ إسلامهما، انتهى.
          وولي إمرةَ دمشق عن عُمر بعد موتِ أخيه يزيد بن أبي سفيان سنة تسع عشرة، واستمرَّ عليها بعد ذلك في خلافةِ عثمان، ثمَّ في زمان محاربته لعليٍّ والحسن ☻، ثمَّ اجتمع عليه الناس خليفةً سنة إحدى وأربعين واستمرَّ إلى أن مات سنة ستين فكانت ولايتهُ ما بين إمارةٍ ومحاربةٍ ومملكة أكثر من أربعين سنة متوالية، وكان يقول: ما زلت أطمعُ بالخلافةِ منذ قال لي رسول الله صلعم: ((إن وُلِّيت فأحسن)).
          وكان ☺ أبيض جميلاً يخضبُ، وهو من الموصوفين بالحلْم والدَّهَاء، واتَّفقوا على أنه توفي بدمشق يوم الخميس لثمانٍ بقين من رجب، وقيل: لنصفه سنة ستين من الهجرة، وقيل: سنة تسع / وخمسين وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وقيل: ست وثمانين، وقيل: ثمان وسبعين، ولما نزلَ به الموت قال: يا ليتني كنت رجلاً من قريشٍ بذي طوى، وأني لم آلُ من هذا الأمرِ شيئاً.
          ولما حضرتهُ الوفاة أوصى أن يكفَّن في قميصٍ كان رسولُ الله صلعم كساهُ إيَّاه، وأن يُجعَل يلي جسده، وكان عنده قلامة أظفَارِ رسول الله صلعم فأوصَى أن تُسحق وتجعل في عينيهِ وفمِهِ، وقال: افعلوا ذلك وخلُّوا بيني وبين أرحمِ الراحمين.
          وكان ابنهُ يزيد غائباً بحوران وقتَ وفاتهِ فأرسلوا إليه البريدَ فلم يُدركه، قال ابن قتيبة: لم يولد لمعاويةَ في زمن خلافته؛ لأنه ضُرِب على إليتهِ فانقطع ولده وقد ولد له قبلها عبد الرحمن من أمِّ ولد، ويزيد وأمه ميسون بنت مجدل الكلبية، ودُفِن معاوية بباب الصغير.
          وقال النَّووي في ((التهذيب)) في ترجمة نصر المقدسي: وقبرهُ بباب الصغير بجنبِ قبر معاوية وأبي الدَّرداء ☻، انتهى.
          والمشهورُ أنه مقابل الصَّابونيَّةِ في الجانبِ الشرقي، وعليه قُبَّة.