الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب مناقب سعد بن أبي وقاص

          ░15▒ (باب) سقط: <باب> وحده لأبي ذرٍّ (مَنَاقِبُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ): بفتح الواو والقاف مشددة (الزُّهْرِيِّ ☺): والزُّهري _بضم الزاي وسكون الهاء_ نسبة إلى زهرة أحد أجدادِهِ، فإنه سعد بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص: مالك _كما يأتي_ ابن وهيب _بالواو مصغراً، ويقال: أهيب بالهمزة بدل الواو_ وقال العينيُّ: مالك بن وهب، ويقال: وهيب وابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرَّة، يجتمعُ مع النَّبي صلعم في كلاب بن مرَّة، وقدر ما بينهما متقارب.
          (وَبَنُو زُهْرَةَ أَخْوَالُ النَّبِيِّ صلعم): أي: لأن النَّبيَّ أمُّه آمنةُ بنت وهْبٍ من بني زهرة، وأقارب أمِّ الرَّجل أخواله.
          وقوله: (وَهْوَ) أي: سعد وأبوه (سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ): يريد به أن اسمَ أبي وقَّاص: مالك، وأم سعد: حَمْنَة _بفتح الحاء المهملة وسكون الميم وفتح النون_ بنت سفيان بن أميَّة بن عبد شمس لم تسلم، وكنية سعد: أبو إسحاق، كنِّي بأكبر ولده، وكان له من الذكور أربعة وثلاثون، ومن الإناث سبعة عشرة، وهو أحد العشرة المبشَّرين بالجنَّة، وأحد الستَّة الذين جعل عمر أمر الخلافة بعده بينهم شورى، وتوفِّي النَّبي وهو عنهم راضٍ، وأسلم قديماً بعد أربعة، وقيل: ستَّة، وهو ابنُ أربع عشر سنة، وهو أوَّل من رُمي بسهمٍ في سبيلِ الله، وأوَّل من أراق دماً في سبيلِ الله، وهو من المهاجرين الأوَّلين، / هاجرَ قبل قدوم رسولِ الله المدينة، وشهدَ مع رسولِ الله المشاهد كلها، وكان يقال له: فارسُ الإسلام، وكان مجابَ الدَّعوة؛ لأنَّ النَّبيَّ عليه السلام قال: ((اللَّهمَّ سدِّد رميهُ، وأجِبْ دعوته))، وفي رواية: ((اللَّهمَّ استجِبْ لسعدٍ إذا دعاكَ)).
          ومن كراماتهِ الظَّاهرة أنه قطعَ بجيوشهِ البحر على ظهورِ الخيل لم يبلغ الماء منها إلى خرمها، والنَّاس في غاية الطُّمأنينة كأنهم سائرون في البر، وكان شجاعاً مقداماً، وكان قصيراً غليظاً، ذا هامة، شثن الأصابع، جعد الشَّعر، يخضب بالسَّواد، ذهب بصره في آخر عمره، وقيل: إنه كان طويلاً انتهى.
          واقتصر النَّووي على كونه طويلاً، واستعمله عمر على الجيوش التي بعثها لقتال الفرسِ، وهو الذي فتح خزائنَ كسرى، وهو الذي بنى الكوفة، وولَّاه عمر العراق، ولمَّا قتل عثمان اعتزلَ الفتن، فلم يقاتل في شيءٍ من تلك الحروب، وتوفِّي سنة خمس وخمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل غير ذلك، وكانت وفاته بقصره بالعقيقِ على عشرة أميالٍ من المدينة، وحملَ على أعناق الرِّجال إلى المدينة، ودفنَ بالبقيع بعد أن صلَّى عليه مروان؛ لأنه كان يومئذٍ والي المدينة، وصلَّى عليه أمَّهات المؤمنين في حجرهنَّ، ولمَّا حضرته الوفاةُ دعا بخلق جبَّة له من صوف فقال: كفِّنوني فيها، فإنِّي كنت لقيتُ المشركين فيها يوم بدرٍ، وكنت أخبِّؤها لذلك، ومناقبُه كثيرةٌ، ذكر المصنِّف بعضها، فعليك بـ((الرِّياض النَّضِرة)).
          منها ما أخرجَه الملا في ((سيرته)) عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلعم قال: ((يا سعدُ أنت ناصر الدِّين حيث كنتَ)) ومنها ما أخرجه الملا أيضاً عن ابن عباس قال: سمعتُ رسولَ الله صلعم يقول: ((سعد بن أبي وقاص يعدُّ بألفِ فارسٍ)) وقال فيه رسول الله: ((هذا سعد خالي، فليرني امرؤٍ خاله)).