الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب مناقب عبد الله بن مسعود

          ░27▒ (باب مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ☺) سقط: <باب> لأبي ذرٍّ، وكنيتهُ: أبو عبد الرحمن، وهو: ابنُ مسعود بن غَافِل _بغين معجمة فألف ففاء مكسورة فلام_ ابن حبيب _بالحاء / المهملة مكبَّراً_ ابن شَمْخ _بفتح الشين المعجمة وسكون الميم فخاء معجمة_ ابن فار _بالفاء وتخفيف الراء_ ابن مخزومٍ _بالخاء والزاي المعجمتين_ ابن صاهلة _بالصاد المهملة وتاء تأنيث آخره_ ابن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هُذَيل بن مدركة بن إلياس بن مُضر الهذلي حليفُ بني زهرة؛ لأنَّ أباه مسعود حالف في الجاهليَّة عبد الله بن الحارث بن زهرة ومات فيها، وأما أمُّه فهي أمُّ عبد بنت عبد وَدٍّ من هذيل أيضاً، أسلمَتْ وهاجرت، فهو صحابيٌّ ابن صحابية.
          أسلمَ عبدُ الله قديماً حين أسلمَ سعيد بن زيد، جاء عنه كما في الطَّبراني: لقد رأيتُني سادس ستَّةٍ ما على الأرض من أسلمَ غيرنا، وسببهُ أنه مرَّ به النَّبي صلعم وهو يرعى غنماً لعقبة بن أبي مُعيطٍ فقال له: ((يا غُلَام هَل من لبَنٍ؟)) قال: نعم، ولكني مؤتمنٌ قال: ((فهَلْ من شَاةٍ لا ينزو عليها الفَحلُ؟)) فأتاهُ بها فمسحَ ضرعها فنزل لبنٌ، فحلبه في إناءٍ فشربَ منه وسقَى أبا بكرٍ، ثمَّ قال عليه السلام للضرع: ((أقلِص)) فقلص.
          وصار له ثلاثةُ أولادٍ أكبرهم عبد الرحمن _وبه كُنِّي_ وعتبة وأبو عُبيدة، واسمه: عامر، وهاجرَ الهجرتين وصلَّى إلى القبلتين، وشهدَ مع رسول الله صلعم أُحُداً وسائرَ المشاهدِ ووقعة اليرموكِ، وهو الذي أجهزَ على أبي جهلٍ يوم بدرٍ، وهو من القُرَّاء المشهورين، وممن جَمَع القرآنَ على عهدِ رسول الله صلعم، وكان ☺ قصيراً نحيفاً يكادُ طويل الرِّجالِ يوازيه جالساً.
          وعبارةُ ((شرح الأربعين)) لابن حَجر: وكان خفيفَ اللَّحمِ شديد الأدمة نحيفاً قصيراً جدًّا نحو ذراعٍ ولما ضحكَ الصحابة من دقَّةِ رجليهِ، قال النبيُّ صلعم: ((لرجْلُ عبدِ الله في الميزَانِ أثقَلُ من أُحُد))، انتهت.
          وكان كثيرَ الدُّخولِ على رسولِ الله صلعم والخدمةِ له، ففي ((صحيح مسلم)) عنه أنَّه قال: قال لي رسول الله صلعم: ((إِذنُكَ عليَّ أن ترفَعَ الحِجَابَ وتسمَعَ سِوادِي حتَّى أَنهَاكَ)) قال النَّووي وغيره: السِّواد _بكسر السين المهملة_ السرار، وكان يُعرَف بصاحب سِرِّ رسول الله، وفي لفظ: صاحبُ السِّواد والسَّيف والنَّعلين، وكان يُلبِسهما للنَّبي صلعم وإذا نزعهُما جعلهما في ذراعيهِ، وكان يمشِي مع النَّبي صلعم وأمامهُ، ويستره إذا اغتسلَ ويوقظه إذا نام.
          وماتَ بالمدينة في آخرِ خلافةِ عثمان سنة اثنتين وثلاثين وعمره بضعٌ وستُّون وصلى عليه عثمان بن عفَّان رضي عنهما وعنا الرحمن، وقبرهُ بالبقيعِ مشهورٌ، وقيل: مات بالكوفة، والأوَّلُ أصحُّ، ومناقبه ☺ كثيرةٌ شهيرة.