نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيدًا وإن عيدنا هذا اليوم

          3931- (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى) قال: (حَدَّثَنِي غُنْدَرٌ) محمد بن جعفر، قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا، وَالنَّبِيُّ صلعم ) الواو فيه للحال (عِنْدَهَا، يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحًى) شك من الراوي؛ أي: أو يوم أضحى (وَعِنْدَهَا قَيْنَتَانِ) تثنية قَينة _بفتح القاف_ هي المغنية (تُغَنِّيَانِ بِمَا تَعَازَفَتْ) بالمهملة والزاي (الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ) أي: قالته من الأشعار في هجاء بعضهم بعضاً، وألقتها على المغنيات يغنين بها، والمعازف: آلات الملاهي، الواحدة: معزفة.
          وقال الخطابي: يحتمل أن يكون من عزف اللهو، وهو ضرب المعازف على تلك الأشعار المحرِّضة على القتال، وأن يكون من العزف بمعنى أصوات الحرب، شبهها بعزيف الرِّياح، وهو ما يُسمَع من دونها.
          وفي رواية: <تقاذفت> بالقاف والذال المعجمة، من القذف؛ أي: ترامت به، وفي بعض النسخ: <وعندهما قينتان بما تعازفت الأنصار> بدون لفظ: «تغنيان». فلذلك قال الخطَّابي: يريد بالقينتين: جاريتين لا مغنيتين، وأراد بهذا تنزيه بيت رسولِ الله صلعم من أن يكون فيه غناء من مُغنيتين مشهورتين.
          وقال العينيُّ: فعلى هذا لا بدَّ أن يقدَّرَ متعلِّق لقوله: «بما تعازفت»، والمناسب أن يقدِّرَ: قينتان تنشدان بما تعازفت الأنصار، فافهم.
          (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ؟ مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيْداً، وَإِنَّ عِيْدَنَا هَذَا الْيَوْمُ) والحديث قد مرَّ في «كتاب العيدين»، في باب «إذا فاتته العيد يصلي ركعتين» [خ¦987] بأتم منه، وقد مرَّ الكلام فيه هناك.
          ومطابقته للترجمة: من حيث إنَّه مطابق للحديث السَّابق في ذكر يوم بُعاث، والمطابق للمُطابق للشَّيء مطابق لذلك الشَّيء، كذا ذكره العينيُّ. وقال: ولم أرَ أحداً من الشُّرَّاح ذكر له مُطابقة، قال: والذي ذكرتُه من الفيضِ الإلهي.