إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لما كان يوم أحد هزم المشركون فصرخ إبليس لعنة الله عليه

          4065- وبه قال: (حَدَّثَنَي) بالإفراد (عُبَيْدُ اللهِ) بضم العين (بْنُ سَعِيدٍ) بكسر العين، ابن يحيى أبو(1) قدامةَ اليشكريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمادُ بن أسامة (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ) وقعةِ (أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ _لَعْنَةُ اللهِ عَلَيْهِ_) وسقطَ قوله «لعنةُ اللهِ عليهِ» لأبي ذرٍّ: (أَيْ عِبَادَ اللهِ) يعني: المسلمين (أُخْرَاكُمْ) أي(2): احترزوا من الذين وراءكُمْ متأخِّرينَ عنكُمْ، وهي كلمةٌ تقالُ لمن يخشى أن يُؤتى عند القتالِ من ورائهِ، وغَرَضُ إبليس _اللَّعين_ أن يُغَلِّطَهم؛ ليقتل المسلمونُ بعضُهم بعضًا (فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ) لقتالِ أُخراهم؛ ظانِّينَ أنَّهم من المشركينَ (فَاجْتَلَدَتْ) بالجيم، فاقتتلَتْ (هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَبَصُرَ) بضم الصاد، أي: نظرَ (حُذَيْفَةُ) بنُ اليمانِ(3) (فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ اليَمَانِ) يقتله (4) المسلمون يظنونهُ من المشركين (فَقَالَ) حذيفةُ: (أَيْ عِبَادَ اللهِ) هذا (أَبِي) هذا (أَبِي) لا تقتلوهُ (قَالَ) عروةُ: (قَالَتْ) عائشة(5): (فَوَاللهِ مَا احْتَجَزُوا) بالحاء المهملة الساكنة والفوقية والجيم المفتوحتين والزاي المضمومة، ما انفصلوا عنهُ (حَتَّى قَتَلُوهُ) وعند ابنِ سعدٍ: أنَّ الذي قتلهُ خطأً عتبةُ بن مسعودٍ أخو عبد الله بن مسعودٍ، والظاهرُ ممَّا تكرَّر في البخاريِّ: أنَّ الذي قتله جماعةٌ من المسلمين. وعند ابنِ إسحاق: «وأما اليمان فاختلفتْ أسيافُ المسلمين فقتلوهُ ولا يعرفونه، فقال حذيفة: قتلتُم أبي؟ قالوا: والله ما عرفنَاهُ» (فَقَالَ حُذَيْفَةُ) معتذرًا عنهُمْ لكونِهم قتلوه ظنًّا منهُمْ أنَّهُ من الكافرينَ: (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ) بن الزُّبير: (فَوَاللهِ مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ) من دعاءٍ واستغفارٍ لقاتلِ أبيه (حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ ╡)‼ وقال في «المصابيح» _كـ «التنقيحِ»_: وقيل: بقيَّةُ حزنٍ على أبيهِ من قتلِ المسلمين إيَّاهُ.
          ومرَّ هذا الحديثُ في «بابِ صفةِ إبليسَ وجنوده» [خ¦3290].
          (بَصُرْتُ) بضم الصاد وسكون الراء: (عَلِمْتُ، مِنَ البَصِيرَةِ فِي الأَمْرِ) فهو من المعانِي القلبيَّة (وَأَبْصَرْتُ) بزيادة الهمزة (مِنْ بَصَرِ العَيْنِ) المحسُوس (وَيُقَالُ: بَصُرْتُ وَأَبْصَرْتُ وَاحِدٌ) كسرعتُ وأسرعتُ، وهذا(6) ذكره تفسيرًا لقوله: «فبصرَ حذيفة» وهو ساقطٌ في رواية أبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ.


[1] في (ص) و(م) و(د): «ابن».
[2] «أي»: ليست في (د)، وفي (ص): «يعني».
[3] «ابن اليمان»: ليست في (ب).
[4] في (ص): «فقتله».
[5] «قالت عائشة»: ليست في (د).
[6] في (د) زيادة: «ما».