الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا تصدق أو أوقف بعض ماله أو بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز

          ░16▒ (باب: إذا تصدَّق أو وَقَفَ بعضَ مَالِه...) إلى آخره
          هذه التَّرجمة معقودة لجواز [وقف] المنقول، والمخالف فيه أبو حنيفة، ويؤخذ منها جواز وقف المُشاع، والمخالف فيه محمَّد بن الحسن لكن خصَّ المنع بما يمكن قسمته، واحتجَّ له الجُوريُّ_بضمِّ الجيم وهو(1) مِنَ الشَّافعيَّة_ بأنَّ القسمة بيعٌ وبيعُ الوقفِ لا يجوز، وتُعُقِّب بأنَّ القسمة إفراز فلا محذور، ووجهُ كونه يؤخذ منه وقف المُشاع ووقف المنقول هو مِنْ قوله: (أو بعض رقيقه أو دوابِّه) فإنَّه يدخل فيه ما إذا وُقف جزءٌ(2) مِنَ العبد أو الدَّابَّة أو وقف أحد عبديه أو فرسيه مثلًا، فيصحُّ كلُّ ذلك عند مَنْ يجيز وقف المنقول ويرجع إليه في التَّعيين، وشاهد التَّرجمة مِنَ الحديث قوله: (أمسكْ عليك بعض مالكَ) فإنَّه عامٌّ مِنْ أن يكون مقسومًا أو مشاعًا. انتهى مختصرًا مِنَ «الفتح».
          قالَ العَينيُّ: أمَّا أبو حنيفة فلا يَرى بالوقف أصلًا، فضلًا عن صحَّة وقف المنقول، وأمَّا إذا وَقف بعضَ مالِه فهو وقف المُشاع، فإنَّه يجوز عند أبي يوسف والشَّافعيِّ ومالك لأنَّ القبض ليس بشرط عندهم، وعند محمَّد: لا يجوز وقف المشاع فيما يقبل القسمة، لأنَّ القبض شرطٌ عنده. انتهى.
          وبجواز وقف المُشاع قال أحمد كما في «المغني».
          ثم لا يذهب عليك أنَّهم قالوا: في غرض التَّرجمة أمران:
          الأوَّل: وقف المنقول، وسيأتي في ترجمة مستقلَّة في (باب: وقف الدَّوابِّ والكراع).
          قال الحافظ: هذه التَّرجمة معقودة لبيان وقف المنقولات. انتهى.
          وعلى هذا فتكون التَّرجمة مكرَّرة.
          فالأوجَهُ حملُها على وقف المشاع، وهو الأمر الثَّاني مِنْ قول الشُّرَّاح، وعليه حمل الشَّيخ التَّرجمة، ولا يقال: إنَّه سيأتي أيضًا (باب: إذا وقف جماعةٌ أرضًا مشاعًا) فإنَّ هذا الباب الأول في وقف الواحدِ المشاعَ.
          والثَّاني: في وقف جماعةٍ مشاعًا، فافترقا.


[1] قوله: ((وهو)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((وَقف جزءًا)).