الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا وقف شيئا فلم يدفعه إلى غيره فهو جائز

          ░13▒ (باب: إذا وقَفَ شَيْئًا فَلَم يَدْفَعه إلى غَيره...) [إلى آخره]
          قال الحافظ: أي: صحيح، وهو قول الجمهور، وعن مالك: لا يتمُّ الوقْف إلَّا بالقبض، وبه قال محمَّد بن الحسن والشَّافعيُّ في قول، واحتجَّ الطَّحَاويُّ للصِّحَّة بأنَّ الوقْف شبيه بالعتق لاشتراكهما في أنَّهما تمليك لله تعالى، فينفذ بالقول المجرَّد عن القبض، ويفارق الهبة في أنَّها تمليك الآدميِّ، فلا تتمُّ إلَّا بقبضه، واستدلَّ البخاريُّ في ذلك بقصَّة عمر فقال: لأنَّ عمر أوقف وقال: (لا جناح على مَنْ وليه أن يأكل) ولم يخصَّ إنْ وليه عمرُ أو غيرُه، وفي وجه الدِّلالة منه غموض، وقد تُعُقِّب بأنَّ غاية ما ذُكر عن عمر هو أنَّ كل مَنْ ولي الوقف أبيح له التَّناول، وقد تقدَّم ذلك في التَّرجمة الَّتي قبلها، ولا يلزم مِنْ ذلك أنَّ كل أحد يسوغ له أن يتولَّى الوقف المذكور.
          قال الحافظ: وَالَّذِي يظهر أنَّ مراده أنَّ عمر لمَّا وقف ثمَّ شرط لم يأمره النَّبيُّ صلعم بإخراجه عن يده، فكان تقريره لذلك دالًّا على صحَّة الوقف وإن لم يقبضه الموقوف عليه، قال الدَّاوديُّ: ما استدلَّ به البخاريُّ على صحَّة الوقف قبل القبض مِنْ قصَّة عمر حملٌ للشَّيء على ضدِّه وتمثيلُه بغير جنسه... إلى آخر ما بسطه.