التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: يا ابن الأكوع ملكت فأسجح

          4194- قوله: (حَدَّثَنَا حَاتِمٌ): هذا هو حاتم بن إسماعيل، ثقة مشهورٌ، تَقَدَّم.
          قوله: (قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى): (يُؤذَّن): مبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعله، و(الأُولى): تَقَدَّم أنَّها الظهر، وإنَّما سُمِّيَت أُولى؛ لأنَّ جبريل ابتدأَ بها صلاة بالنَّبيِّ صلعم، وقد تَقَدَّم أنَّه جاء في رواية: «أنَّه أوَّل ما صلَّى به الصبح»، أفاده شيخنا الشارح في «شرح التنبيه» له [خ¦547].
          قوله: (وَكَانَتْ لِقَاحُ النَّبيِّ(1) صلعم): (اللِّقاح): تَقَدَّم أنَّها جمع لَـِقحة، واللِّـَقحة: هي بكسر اللام، وتفتح في المفرد فقط لا في الجمع، وهي ذوات الدَّرِّ من الإبل، يقال لها ذلك بعد الولادة بشهر وشهرين وثلاثة، ثُمَّ هي لبون، واللِّـَقحة: اسم لها في تلك الحال، لا صفة لها، فلا يقال: ناقة لَـِقحة، ولكن يقال: هذه ناقة لَـِقحة، فإن أرادوا الوصف؛ قالوا: ناقة لَقُوحٌ ولاقحٌ، وقد يقال لهنَّ ذلك وهنَّ حواملُ لم يضعن بعدُ، وقد جاء (اللِّـَقحة) في البقر والغنم في الحديث؛ كما جاء في الإبل [خ¦233]، والله أعلم.
          قوله: (فَلَقِيَنِي غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ): هذا الغلام لا أعرف اسمه.
          قوله: (أُخِذَتْ لِقَاحُ النَّبيِّ(2) صلعم): (أُخِذت): مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، و(لِقاحُ): مرفوعٌ نائبٌ مناب الفاعل، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ): وفي بعض طرقه: (غطفان وفزارة) [خ¦3041]، قال ابن إسحاق: (أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريُّ في خيلٍ على لِقاح رسول الله صلعم)، وقال غيره: (أغار عليها عبد الرحمن بن عيينة، وعند البلاذريِّ: كان المغير يومئذٍ عبد الله بن عيينة ابن حصن).
          قوله: (يَا صَبَاحَاهْ): هذه كلمة يقولها المستغيث، وأصلها: إذا صاحوا للغارة؛ لأنَّهم أكثر ما يُغيرون عند الصباح، ويسمُّون / يوم الغارة: يوم الصباح، فكأنَّ القائل: (يا صباحاه) يقول: قد غشيَنا العدوُّ، وقيل: إنَّ المتقاتلين كانوا إذا جاء الليل؛ يرجعون عن القتال، فإذا عاد النهار؛ عاودوه، فكأنَّه يريد بقوله: (يا صباحاه): قد جاء وقت الصباح، فتأهَّبوا للقتال، وقد تَقَدَّمت، وأنَّ الهاء في آخرها هاءُ السكت ساكنةً [خ¦56/166-4756].
          قوله: (لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ): تَقَدَّم أنَّ (اللَّابتين) الحَرَّتان، وتَقَدَّم ضبط (اللابة)، وأنَّ (الحَرَّة) أرض تركبها حجارة سود [خ¦1869].
          قوله: (وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ): قال ابن قُرقُول: («الرُّضَّع»: اللئام، واحدهم: راضع؛ لأنَّه يرضع اللبن من أخلاف إبله؛ لئلَّا يُسمَعَ صوت الشخب، فيُطلَب منه، وقيل: لئلَّا يصيبَه في الحلب آفة، ويقال من اللُّؤم: رَضُع يرضُع رضاعة؛ مثل: لَؤم يَلؤمُ، وقال الأصمعيُّ: إنَّما يقال: «رَضُع» في مقابلة «لَؤُم»، وأمَّا إذا أفرد؛ قيل: رضِع ورضَع؛ كالماصِّ من الثدي، وقال غيره: ومعنى لئيم: راضع؛ أي: رضع اللُّؤم في بطن أمِّه، وقيل: لأنَّه يرضع الخلالة؛ من الخلالة التي يخرجها من بين أسنانه ويمصُّها، ومعنى «اليوم يوم الرضع»؛ أي: يوم هلاكهم، وقيل: اليوم يُعرف مَن أرضعته كريمة فأنجبت، أو لئيمة فهجَّنت، وقيل: اليوم يظهر من أرضعته الحربُ من صغره)، انتهى، وأمَّا إعرابه؛ فقد تَقَدَّم في (باب من رأى العدوَّ فنادى بأعلى صوته: يا صباحاه) في (الجهاد) [خ¦56/166-4756].
          قوله: (حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ): تَقَدَّم أنَّ (اللِّقاح) كانت عشرين، وفي بعض الطرق: (فاستنقذوا عشر لِقاح، وأفلت القوم بما بقي؛ وهي عشرة)، انتهى، وفي بعضِها: (واستنقذوا بعضَ اللِّقاح)، وهذا ينافي ما في «البُخاريِّ» و«مسلمٍ»؛ ففي «البُخاريِّ» ما قد رأيت، وفي مسلمٍ عن سلمة: (حتى ما خلق الله من شيء من لِقاح رسول الله صلعم إلَّا خلَّفته وارء ظهري)، والذي في «الصحيحين» الصحيحُ، وذاك غلطٌ، أو يُجمع بين الروايتين، والله أعلم.
          قوله: (ثَلَاثِينَ بُرْدَةً): وكذا في «مسلم»، وذكر ابن سعد بسنده في حديث سلمة: (ثُمَّ لم أزل أرميهم حتَّى ألقَوا أكثر من ثلاثين رُمحًا، وأكثر من ثلاثين بُردة يستخفُّونها)، وكذا في «مسلمٍ»، وكأنَّه أسقط الكسر في رواية البُخاريِّ ومسلم في إحدى روايتيه.
          قوله: (فَأَسْجِحْ): هو بقطع الهمزة، ثُمَّ سين مهملة ساكنة، ثُمَّ جيم مكسورة، ثُمَّ حاء مهملة، ومعناه: ارفُق، وسهِّل، واعفُ، واسمَح، و(الإسجاح): حسن العفو.
          قوله: (وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللهِ صلعم عَلَى نَاقَتِهِ): تَقَدَّم أنَّ ابن منده جمع أرداف النَّبيِّ صلعم، فنيَّفَ بهم على ثلاثين، وقد ذكرتُ أنا مَن وقفت عليه أنَّه أردفه ◙ في (كتاب الإيمان) [خ¦128]، ومنهم سلمة هذا.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (رَسُولِ اللهِ) وسائر النُّسخ.
[2] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (رَسُولِ اللهِ) وسائر النُّسخ.