التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة

          ░43▒ بَابُ مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ وَاللَّطْخَ وَالتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ.
          6854- ذَكَرَ فيه حديثَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ☺ قَالَ: (شَهِدْتُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً) الحديث / وفيه: (إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا _كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ_ فَهُوَ). قال الزُّهْرِيّ: فَجَاءَتْ بِهِ لِلَّذِي يُكْرَهُ.
          6855- وحديثَ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ ذَكَرَ المُتَلاعِنَين؛ فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ شَدَّادٍ: هِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ الله صلعم: (لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ؟) قَالَ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ.
          6856- وعنه ☺ أيضًا في ذِكْرِ المُتَلاعِنَين؛ فَقَالَ ╕: (اللَّهُمَّ بَيِّنْ) فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلَاعَنَ صلعم بَيْنَهُمَا، فَقَالَ الرَّجُلُ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ: هِيَ الَّتِي قَالَ صلعم: (لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لرَجَمْتُ هَذِهِ؟)؛ فَقَالَ: لَا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الْإِسْلَامِ السُّوءَ.
          هذا الحديث _كما قال المُهَلَّبُ_ أَصْلٌ في أنَّه لا يجوزُ أنْ يُحدَّ أحدٌ بغيرِ بَيِّنةٍ وإن اتُّهم بفاحشةٍ، أَلَا ترى أنَّه ╕ قد وَسَم ما في بطْنِ المرأةِ الملاعَنَةِ بالمكروه وبغيرِه، وجاءت به على النَّعت المكروهِ للشَّبَه المتَّهم بها، ولم يُقِم عليها الحدَّ بالدَّليلِ الواضحِ، إذْ لو كان ذلك خِلافَ ما شرعَ الله، ولا يجوز أن تُتَعدَّى حدودُ الله ولا يُستباحَ دمٌ ولا مالٌ إلَّا بيقينٍ لا شكَّ فيه، وهذه رحمةٌ مِن الله لعبادِه وإرادةُ السَّترِ لهم والرِّفق بهم ليتوبوا ولا يحدُّوا إلَّا بمعاينةٍ تخفيفًا ورفقًا.
          فَصْلٌ: الوَحَرَةُ بالتَّحريكِ دُوَيْبَةٌ حمراءُ تَلْصَقُ بالأرضِ، شُبِّهت العَدَاوةُ والغِلُّ بها لِتَثَبُّتِه بالقلبِ، يُقال: وَحِرَ صَدْرُهُ ووَغِر. قال القزَّاز: هي كالوَزَغَةِ تَقَعُ في الطَّعَامِ فَتُفْسِدُهُ فيُقال: طَعَامٌ وَحِرٌ.
          وقولُه: (سَبِطَ الشَّعَرِ) هو بكسر الباء.
          وقولُه: (خَدْلًا) قال ابنُ فارِسٍ: يُقالُ: امرأةٌ خَدْلَةٌ أي ممتلِئةُ الأَعْضَاءِ دَقِيقةُ العِظَام. وقال الجَوْهَرِيُّ: الخَدْلَاء البَيِّنَةُ الخَدَلِ، وهي المُمْتَلِئةُ السَّاقِينِ وَالذِّرَاعَيْنِ. وقال الهَرَويُّ: الخَدْلُ الممتلئُ السَّاقِ، وذَكَرَ الحديثَ، وَرُوِّيناه: <خَدَلًّا> بفتْحِ الدَّالِ وتشديدِ اللَّام.