التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبًا عنه

          ░34▒ بَابُ مَنْ أَمَرَ غَيْرَ الْإِمَامِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ غَائِبًا عَنْهُ
          6835- 6836- ذَكَرَ فيه حديثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ في قصَّةِ العَسِيفِ، وترجَمَ عليه في الأحكامِ كما سيأتي بابٌ هل يجوز للحاكم أن يَبعث رجلًا وحدَه للنَّظرِ في الأمور [خ¦7193].
          وفيه الوكالةُ في الحُدُودِ، وقد ترجم له بذلك [خ¦2314] أي في استيفائها، وأنَّ الإمامَ يَبعثُ واحدًا يقومُ مقامَه في إقامتِها، وليسَ مِن بابِ الشَّهاداتِ الَّتي لا يجوزُ فيها إلَّا رجلانِ فصاعدًا.
          وقولُه: (فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) ظاهرٌ في عدمِ تعدُّدِ الإقرارِ كما سلف.
          وقال ابنُ التِّين: واحتجَّ به مَن قال: يَحكُمُ القاضي بعلمِهِ، وهو مذهبُ عبدِ الملك وسُحْنُون أنَّه يقضي بما سمِعَ في مجلِسِ الحكومة، ومذهبُ الشَّافِعيِّ أنَّه يقضِي بما عَلِمَهُ في كلِّ موطِنٍ، قلتُ: إلَّا في حدودِ الله. ومذهبُ مالكٍ: لا يَقضي بعلمِهِ في شيءٍ، وفرَّق أهلُ العراق فقالوا: يَقضِي في حقوقِ الآدميِّينَ بما عَلِمَه بعد القضاء ولا يقضي فيما علِمَه قَبْلَه.
          احتجَّ المانعُ بقولِه ╕: ((لو كنتُ راجمًا أحدًا بغير بيِّنةٍ لرجمتُها)) في قصَّةِ هِلَالٍ وشَرِيكٍ، قال: وأمَّا قولُه: ((فإنِ اعترفتْ فارجُمها)) فيحتمل أن يكونَ اعترافُها بموضعِ بَيِّنةٍ.
          فَصْلٌ: وقد ترجم على هذا الحديث أيضًا قريبًا باب هل يأمرُ الإمامُ رجلَا فيَضرب الحدَّ غائبًا عنه. وقد فعلَهُ عُمَرُ [خ¦6859] وهذا البابُ والَّذي نحنُ فيه معناهُما واحدٌ ومعناها كلِّها أنَّه يجوز للإمامِ أنْ يبعثَ رجلًا واحدًا يقومُ مقامَه في إقامةِ الحُدُودِ وتنفيذِ الأحكام، وأنَّ الواحدَ يجوزُ في ذلك كما أسلفناه.