شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ما يرث النساء من الولاء

          ░23▒ باب: مَا يَرِثُ النِّسَاء مِنَ الْوَلاءِ
          فيه: عَائِشَةُ قَالَ النَّبيُّ صلعم: (الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ). [خ¦6760]
          وهذا الحديث يوجب أن يكون الولاء لكلِّ معتقٍ ذكرًا كان أو أنثى؛ لأنَّ من تصلح للذكر والأنثى وللواحد والجميع، إلَّا أنَّه ليس للنساء عند جماعة الفقهاء من الولاء إلَّا من(1) أعتقن أو أعتق من أعتقن أو ولد من أعتقن.
          قال الأبهريُّ: وهذا قول الفقهاء السبعة وغيرهم من أهل المدينة والكوفة، ليس فيه اختلاف إلَّا ما يروى عن مسروقٍ أنَّه قال: يرث النساء من الولاء كما يرثن من المال.
          وذكر ابن المنذر عن طاوسٍ مثله، واحتجَّ بقوله تعالى: {وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ(2)}الآية[النساء:7].
          وهذا شذوذٌ ولم يعرَّج عليه، وإنَّما يرث النساء ولاء من أعتقن أو أعتق من أعتقن أو ولد من أعتقن؛ لأنَّه عن مباشرةٍ وليس هو جرُّ الميراث. وإنَّما لم يرث النساء الولاء أنَّ الولاء إنَّما يورث بالتعصيب والمرأة لا تكون عصبةً. ولمَّا كانت المرأة لا تستوعب المال بالفرض الذي هو أوكد من التعصيب لم ترث الولاء.
          وقوله: (الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ) معناه لمن أعطى الثمن وأعتق بعد إعطاء الثمن؛ لأنَّ ولاية النعمة التي يستحقُّ بها الميراث لا تكون إلَّا بالعتق.


[1] في (ص): ((ما)).
[2] زاد في (ص): ((والأقربون)).