شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: إذا أسلم على يديه

          ░22▒ باب: إِذَا أَسْلَمَ على يَدَيْهِ / الرَّجُلُ
          وَكَانَ الْحَسَنُ لا يَرَى لَهُ وِلايَةً. وَقَالَ النَّبيُّ(1) صلعم: (الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).
          وَيُذْكَرُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَفَعَهُ قَالَ: وهُوَ(2) أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ. وَاخْتَلَفُوا في صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ.
          فيه: عَائِشَةُ قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (الْوَلاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) الحديث. [خ¦6757]
          اختلف العلماء فيمن أسلم على يدي رجلٍ من المسلمين، فقال الشَّعبيُّ كقول الحسن: لا ميراث للذي أسلم على يديه ولا ولاء له، وميراث المسلم إذا لم يدع وارثًا لجماعة المسلمين. وهو قول ابن أبي ليلى ومالكٍ والثوريِّ والأوزاعيِّ والشافعيِّ وأحمد وحجَّتهم قوله صلعم: (الْوَلاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) فنفى الميراث عن غير المعتق كما نفى عنه الولاء، وذكر ابن وهبٍ عن عُمَر بن الخطَّاب قال: ولاؤه للذي أسلم على يديه. وهو قول ربيعة وإسحاق، وفيها قولٌ آخر روي عن النَّخَعِيِّ: أنَّه إذا أسلم على يدي(3) الرجل ووالاه فإنَّه يرثه ويعقل عنه(4) وله أن يتحوَّل عنه إلى غيره ما لم يعقل عنه، فإذا عقل عنه لم يكن له أن يتحوَّل عنه(5) إلى غيره. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمَّدٍ واحتجُّوا بحديث تميمٍ الداريِّ، رواه مُسَدَّدٌ عن عبد الله بن داود، عن عبد العزيز بن عُمَر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن وهبٍ، عن تميمٍ الداريِّ أنَّ النبيَّ صلعم قال في رجلٍ أسلم على يدي رجلٍ: ((هو أحقُّ الناس بمحياه ومماته)).
          قال ابن المنذر: رفع الحديث أحمد بن حنبلٍ وتكلَّم فيه غيره(6)، ولم يروه غير عبد العزيز بن عُمَر، وهو شيخٌ ليس من أهل الحفظ، وقد اضطربت روايته له، فروى عنه وكيعٌ وأبو نعيمٍ عن عبد الله بن وهبٍ قال: سمعت تميمًا الداريَّ يقول(7)، ورواه شريكٌ عن حفص بن غياثٍ عنه، عن عبد الله بن وهبٍ، عن قَبِيصَة بن ذُؤَيب، عن تميمٍ، ولا يُدرَى أسمع قَبِيصَة من تميمٍ أم لا، فلمَّا اضطربت الأخبار خشينا ألَّا يكون محفوظًا.
          وكان ظاهر قوله صلعم: (الْوَلاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ) أولى بنا، ودلَّ على أنَّ الولاء لا يكون لغير المعتق.
          قال ابن القصَّار: ولو صحَّ الحديث لكان تأويله: أحقُّ به يواليه وينصره ويغسِّله ويصلِّي عليه ويدفنه إذا مات، ولم يقل هو أحقُّ بميراثه، فلا حجَّة فيه.


[1] قوله: ((النبي))ليس في (ص).
[2] في (ص): ((هو)).
[3] في (ص): ((يديه)).
[4] زاد في (ص): ((فإذا عقل عنه لم يكن)). وبعدها فيها: ((له)).
[5] قوله: ((عنه)) ليس في (ص).
[6] قوله: ((رفع الحديث أحمد بن حنبل وتكلم فيه غيره)) ليس في (ص).
[7] قوله: ((يقول)) ليس في (ص).