شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}

          ░14▒ باب: قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ في الْكَلالَةِ}[النساء:176](1)
          فيه: الْبَرَاءُ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ في الْكَلالَةِ}(2)[النساء:176]. [خ¦6744]
          اختلف العلماء في معنى الكلالة، فقالت طائفةٌ: هي من لا ولد له ولا والد، هذا قول أبي بكرٍ الصدِّيق وعمر وعليٍّ وزيدٍ وابن مسعودٍ وابن عبَّاسٍ، وعليه أكثر التابعين وهو قول الفقهاء بالحجاز والعراق.
          وقالت طائفةٌ: الكلالة من لا ولد له خاصَّةً، روي هذا عن ابن عبَّاسٍ. وقال آخرون: الكلالة ما خلا الوالد، رواه(3) شعبة عن الحكم بن عتيبة. وقال آخرون: الكلالة الميِّت نفسه(4)، سمِّي بذلك إذا ورثه غير والده وولده. وقال آخرون: الكلالة الذين يرثون الميِّت إذا لم يكن فيهم والدٌ ولا ولدٌ. وقال آخرون: الكلالة الحيُّ والميِّت جميعًا. عن ابن زيدٍ.
          واختار الطبريُّ أنَّها ورثة الميِّت دون الميِّت، واحتجَّ بحديث جابرٍ أنَّه قال: يا رسول الله، إنَّما يرثني كلالةٌ فكيف بالميراث؟ وبحديث سعدٍ أنَّه قال: يا رسول الله: ليس لي وارثٌ إلَّا كلالةٌ أفأوصي بمالي كلِّه؟ فقال: ((لا)).
          وأجمع العلماء أنَّ الإخوة المذكورين في هذه الآية في الكلالة هم الإخوة للأب والأمِّ، أو للأب عند عدم الذين للأب والأمِّ لإعطائهم فيها الأخت النصف وللأختين فصاعدًا الثلثين وللإخوة الرجال والنساء للذكر مثل حظِّ الأنثيين؛ لأنَّه لا خلاف أنَّ ميراث الإخوة للأمِّ ليس هكذا وأنَّهم شركاء في الثلث الذكر والأنثى فيه سواءٌ.
          وإجماعهم في الكلالة التي في أوَّل السورة أنَّ الإخوة فيها للأمِّ خاصَّةً؛ لأنَّ فريضة كلِّ واحدٍ منهما السدس، ولا خلاف أنَّ ميراث الإخوة للأب والأمِّ ليس كذلك.


[1] زاد في (ص):((إلى آخر السورة)).
[2] قوله: ((فيه: الْبَرَاءِ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ في الْكَلالَةِ})) زيادة من (ص).
[3] في (ص): ((روي)).
[4] في (ص): ((بعينه)).