شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب ميراث السائبة

          ░20▒ باب: مِيرَاثِ السَّائِبَةِ
          فيه: عَبْدُ اللهِ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الإسْلامِ لا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ. [خ¦6753]
          وفيه: عَائِشَةُ ♦ قَالَت: قَالَ لي النَّبيُّ صلعم: (الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) في قصَّة بريرة. قَالت: وَخُيِّرَتْ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَقَالَتْ: لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وَكَذَا مَا كُنْتُ مَعَهُ.
          وَقَالَ الأسْوَدُ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، قَوْلُ الأسْوَدِ مُنْقَطِعٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا، أَصَحُّ. [خ¦6754]
          اختلف العلماء في ميراث السائبة، فقال الكوفيُّون والشافعيُّ وأحمد وإسحاق وأبو ثورٍ: ولاء السائبة لمعتقه، واحتجُّوا(1) بقوله صلعم: (الَوَلَاءُ لِمَنْ أَعتَقَ) فالمعتق داخلٌ في عموم الحديث وغير خارجٍ منه.
          وقالت طائفةٌ: ميراث السائبة للمسلمين، / روي ذلك عن عُمَر بن الخطَّاب، وروي عن عُمَر بن عبد العزيز وربيعة وأبي الزناد، وهو قول مالكٍ، قال: ميراثه للمسلمين وعقله عليهم.
          والحجَّة لهذه المقالة أنَّه إذ قال: أنت حرٌّ سائبةٌ، فكأنَّه قد أعتقه عن المسلمين فكان ولاؤه لهم، وهو(2) بمنزلة الوكيل إذا أعتق عن موكِّله فالولاء له دون الوكيل، وقد ثبت أنَّ الولاء يثبت للإنسان من غير اختياره.
          واحتجَّ الكوفيُّون فقالوا: إذا قال لعبده: أنت سائبةٌ لا ملك لي عليك، أو أنت حرٌّ سائبةٌ، أنَّ هذا كلَّه لا يزيل عنه الولاء؛ لأنَّ الولاء لحمةٌ كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب، وقد نهى رسول الله صلعم عن بيع الولاء وهبته، فالهبة لذلك(3) باطلٌ، وبهذا قال ابن نافعٍ وخالف مالكًا فيه.


[1] في (ص): ((واحتج)).
[2] قوله: ((وهو)) ليس في (ص).
[3] قوله: ((لذلك)) ليس في (ص).