مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب وجوب عيادة المريض

          ░4▒ باب وجوب عيادة المريض
          فيه حديث أبي موسى الأشعري وحديث البراء أمرنا... الحديث.
          وسلفا الأول في النكاح والأطعمة والثاني في الجنائز والمظالم.
          ويحتمل أن يكون كما قال ابن بطال: من فروض الكفاية: كإطعام الجائع، وفك الأسير، وهو ظاهر الكلام، ويحتمل أن يكون معناه: الندب والحض على المؤاخاة والألفة، كما قال ◙: ((مثل المؤمنين في تواصلهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا تداعى منه عضو تداعى سائره)).
          وقال ابن التين: إنها مندوبة، وقد تتأكد في بعض الناس. وقال الداودي: هو فرض يحمله بعض الناس عن بعض.
          وقد جاء في عيادة المريض آثار سلفت في الجنائز:
          منها: قوله ◙: ((عائد المريض على مخارف الجنة)).
          وحديث البراء ظاهر في فضل العيادة للمريض وهو على عمومه في الرجل الصالح وغيره، وفي المسلم وغيره، وقد عاد رسول الله صلعم كافراً، كما سلف في الجنائز ويأتي، وعاد عمه أبا طالب.
          وكرهها بعض أهل العلم أعني: عيادة الكافر لما فيها من الكرامة ولا بأس بها إذا رجا إسلامه كما وقع لسيدنا رسول الله صلعم.
          وفي أحكام الطبري أنها إنما تسن لمن يرجى بركته وبركة دعوته أما غيره فلا يندب له إلا أن يكون ممن يراعي أمره وجاء له.
          ظاهر الحديث وعمومه: طلبها في كل وقت، وقد كرهها طائفة من العلماء في أوقات.
          قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله، وقال له شيخ كان يخدمه يجيء إلى رجل سماه قعود، وذلك عند ارتفاع النهار في الصيف، فقال: ليس هذا وقت عيادة.
          وعن الشعبي: عيادة حمقى القراء أشد على أهل المريض من مرض صاحبهم يجيئون في غير حين عيادة يطيلون الجلوس(1).
          ولقد أحسن ابن حدار حيث يقول:
إن العيادة يوم بين يومين                     واجلس قليلاً كلحظ الطرف بالعين
لا تبرمن مريضاً في مساءلة                     يكفيك من ذاك تسأل بحرفين
          وقال ابن طاوس: أخف العيادة: أخفها. قال ابن وضاح: هو أن لا يطول الرجل في القعود إذا عاد مريضاً.
          وذكر ابن الصلاح في ((فوائد رحلته)) عن أبي عبد الله الفزاري أنه يستحب العيادة في الشتاء ليلاً وفي الصيف نهاراً وهي تفرقة غريبة.
          ويستحب للعائد أن يتوضأ لها لحديث فيه، ومواساة الجائع العاجز واجبة.
          والعاني الأسير، أي: خلصوه وتخليصه واجب على المسلمين من أيدي العدو.
          واختلف هل يفك من الزكاة أم لا؟ فقال أصبغ: لا تجزئ أن يفدى منها، وخالفه ابن حبيب.
          قوله: (أمرنا بسبع ونهانا عن سبع) وذكر في النهي خمساً.
          وتقدم الشرب في آنية الفضة.
          وذكر في الأوامر: اتباع الجنائز، وعيادة المريض، وإفشاء السلام، ولم يذكر إبرار القسم والمراد به: في المعروف ولا إجابة الدعوة، ولا نصر المظلوم، ولا تشميت العاطس، وذكرها فيما سلف.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: قيل جلسة المريض خلسة)).