الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من قاتل دون ماله

          ░33▒ (باب مَنْ قَاتَلَ) أي: غيرَهُ فقُتِل (دُونَ مَالِهِ) أي: بابُ بيَانِ حُكمِ من قاتَلَ غيرَهُ عندَ مالِهِ للدَّفعِ عنه، فالبَابُ مضَافٌ ويحتمَلُ تنوينُهُ فـ((مَن)) مبتدَأٌ شرطيَّةٌ أو موصُولةٌ متضمِّنَةٌ معناهَا، وجوَابُ ((مَن)) محذُوفٌ؛ أي: فهو شَهِيدٌ أو فماذَا حكمُهُ أو يقدَّرُ فقتَالُهُ جائزٌ، وعليه فلا يقدَّرُ في التَّرجمةِ فقُتلَ فدوِّنَ بمعنَى: عندَ، قالهُ الكرمانِيُّ.
          وقالَ في ((الصحاح)): دُونَ نقيضُ فوقَ، وهو تقصيرٌ عن الغايَةِ ويكُونُ ظَرفاً، وقال القُرطبيُّ: دُونَ في أصلِهَا ظرفُ مكانٍ بمعنَى: تحتَ، وتستعمَلُ للسَّببيَّةِ مجَازاً، قال: ووجهُهُ أنَّ الَّذِي يقاتِلُ على مالِهِ إنَّما يجعَلُهُ خلفَهُ أو تحتَهُ، ثمَّ يقاتِلُ عليه، ولم يذكُرِ المصنِّفُ الجوَابَ اكتِفَاءً بما في حديثِ البابِ على عادتِهِ في مثلِ ذلكَ.
          وقال ابنُ بطَّالٍ: إنَّما أدخلَ البُخاريُّ هذهِ التَّرجمَةَ في هذِهِ الأبوَابِ ليُبيِّنَ أنَّ للإنسَانِ أن يدفَعَ عن نفسِهِ ومالِهِ ولا شيءَ عليهِ، فإنَّهُ إذا كانَ شَهِيداً إذا قُتلَ في ذلك فلا قَودَ عليه ولا ديَةَ ولا كفَّارةَ إذا كان هو القاتِلُ، فليتأمَّل.