الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من عقل بعيره على البلاط، أو باب المسجد

          ░26▒ (باب مَنْ عَقَلَ) بإضَافةِ: ((باب)) لـ((مَن)) الموصُولةِ أو النَّكرةِ الموصُوفَةِ، و((عَقَل)) بفتحِ العينِ والقافِ؛ أي: ربَطَ بالعقَالِ (بَعِيرَهُ عَلَى الْبَلاَطِ) بفتحِ الموحَّدةِ وبالطَّاء المهملةِ في آخِرِه، وهي هنا حجَارةٌ مفرُوشةٌ عندَ بابِ المسجدِ النَّبويِّ، والجارُ والمجرورُ متعلِّقٌ بـ((عَقَل)) وإلَّا فأصْلهُ أعمُّ.
          قالَ الجوهريُّ: البَلاطُ بالفتحِ الحجارَةُ المفرُوشَةُ في الدَّارِ وغيرِهِا، ومثلَ البلاطِ غيرُهُ، ومثلَ البعِيرِ غيرُهُ من بقيَّةِ الدَّوابِّ الَّتي في معنَاهُ قيَاساً عَلى ما في الحدِيثِ أو أعمُّ عندَ مَن لا يَرى طهارَةَ فضَلاتِ البعِيرِ.
          (أَوْ بَابِ الْمَسْجِدِ) معطُوفٌ على البلاطِ، قالَ شيخُ الإسلامِ: و((أَو)) فيه للتَّنويعِ إن لم يُرِد بمدخُولِهَا بيَانَ جوَازِ اعتقَالِهِ فيه، وبمعنَى: بَل إن أريدَ به ذلكَ، انتهى.
          ومرادُهُ أنَّهُ يجوزُ ذلكَ إذا لم يحصُلْ بهِ ضرَرٌ، ولكن جوَازُهُ عندَ بابِ المسجدِ بالقيَاسِ على البلاطِ في حديثِ جابِرٍ أو أشَارَ بهِ إلى مَا ورَدَ في بعضِ طرُقهِ، قالَهُ في ((الفتح)).
          وقالَ في ((المصابيح)): يشيرُ بالتَّرجمَةِ إلى أنَّ مثلَ هذا الفعْلِ لا يكونُ مُوجِباً للضَّمَانِ، فقَد قالَ ابنُ المنيرِ: لا ضمَانَ عَلى من ربَطَ دابَّتهُ ببَابِ المسجِدِ أو السُّوقِ لحاجَةٍ عُرِضَت له إذا رمحَتْ ونحوهُ، ومحَلُّهُ إذا لم يعتَدْ ذلك فلو جعَلَهُ مربَطاً لها دائماً أو غالِباً ضمِنَ، انتهى.
          ومذهَبُنَا يضمَنُ؛ لأنَّ الارتفَاقَ بالطَّريقِ ونحوهُ مشرُوطٌ بسَلامَةِ العَاقبةِ.