الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره

          ░20▒ (باب لاَ يَمْنَعُ) بسكُونِ العينِ وضمِّها، كما في كثِيرٍ من الأصُولِ، وضبَطَ الشُّرَّاحُ الحديثَ بالوَجهَينِ والتَّرجمةُ هي لفظُ الحدِيثِ، والمرَادُ: لا ينبَغِي أن يمنَعَ / (جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ) بفتحِ التَّحتيَّةِ وسكُونِ الغينِ المعجمةِ وكسرِ الرَّاء فزاي؛ أي: يضَعَ (خَشَبَة) بفتحِ الخاءِ والشِّينِ المعجمتينِ وبالإفرادِ منوَّناً في روايَةِ أبي ذرٍّ، ولغيرِهِ بالهاءِ والجمعِ وهو الموجُودُ في حدِيثِ البَابِ.
          قالَ العينيُّ: ورأيتُ صاحِبَ ((التلويح)) ضبطَ بالقَلَم: خُشْباً _بضمِّ الخاءِ وسكُون الشِّينِ المعجمتينِ_، قال: فإنَّ الخشَبةَ تُجمَعُ على خَشَب _بفتحتَينِ_، وخُشْب _بضمِّ الخاءِ وسكُونِ الشِّين_، وخُشُب بضمَّتينِ وخُشبانُ، انتهى.
          وقالَ ابنُ عبدِ البرِّ: رويَ اللَّفظانِ في ((الموطأ)) والمعنَى واحِدٌ؛ لأنَّ الواحِدَ للجنْسِ، قالَ في ((الفتح)): وهَذا الَّذِي يتعيَّنُ للجَمعِ بينَ الرِّوايتَينِ، وإلَّا فالمَعنَى قد يختلِفُ باعتِبَارِ أنَّ أمْرَ الخشَبةِ الواحِدةِ أخفُّ في مسامحَةِ الجارِ بخِلافِ الخشَبِ الكَثيرِ.
          قال: ورَوى الطَّحاويُّ عن جماعَةٍ من المشَايخِ أنَّهم روَوهُ بالإفرادِ، وأنكَرَ ذلكَ عبدُ الغنيِّ بن سعِيدٍ فقالَ النَّاسُ: كلُّهُم يقُولونَهُ بالجمعِ إلَّا الطَّحاوِيُّ فروَاهُ بالإفرَادِ قالَ: وما ذكرتُهُ من اختلافِ الرُّواةِ في الصَّحيحِ يرُدُّ على عبدِ الغنيِّ إلَّا إن أرَادَ خاصًّا من النَّاسِ كالَّذينَ روَى عنهُم الطَّحاويُّ فلهُ اتِّجاهٌ، انتهى.
          وقولهُ: (فِي جِدَارِهِ) متعلِّقٌ بــ((يغرزُ)) فتأمَّلهُ.