الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الآبار على الطرق إذا لم يتأذ بها

          ░23▒ (باب الآبَارِ) أي: جوازُ حفرِهَا (عَلَى الطَّرِيْقِ) أي: مجعُولَةً على الطَّريقِ أو فيه بإفرَادِ الطَّرِيقِ لأبِي ذرٍّ، ورواهُ غيرُهُ: <الطُّرُق> بجَمعِ الكَثرةِ، والمرادُ: الطَّريقُ العَامُّ (إِذَا لَمْ يُتَأَذَّ) بفتح التَّحتيَّة أوَّله؛ أي: أحدٌ (بِهَا) أي: بالآبَارِ، فالفَاعلُ ضمِيرٌ مستتِرٌ لدلالَةِ المقامِ أو السِّياقِ عليهِ، لكنَّ الموجُودَ في أكثَرِ الأصُولِ: <يتأذ> بالبنَاءِ للمجهُولِ، وعزَاهُ القسطلانيُّ لليونينيَّةِ وعليها فهو بالذَّالِ المعجمةِ مشدَّدةٌ مجزُومٌ بحذفِ الألفِ.
          تنبيه: الآبَارُ _بمدِّ الهمزةِ قبلَ الموحدةِ المفتوحَةِ_، جمعُ: بئر، مؤنَّثةٌ، كإثمٍ وآثامٍ، لكنَّه هنا على القلبِ المكانيِّ، ثمَّ إبدَالُ الهمزَةِ ألفاً، وبه ضبطَ كلامُ المصنِّفِ، ويجوزُ جمعُ بئرٍ على آبارٍ بسكونِ الموحَّدةِ فهمزةٌ ممدُودَةٌ مفتوحَةٌ، بل هذا أصلٌ في جمعِهِ كحَملٍ وأحمَالٍ، ورأيتُهُ في نسخَةٍ صحيحَةٍ كذلكَ، وهو على التَّقدِيرَين جمعُ قلَّةٍ كأبئُرِ بهمزَةٍ مضمُومةٍ أو تحتيَّةٍ كذلكَ بعد الموحَّدةِ السَّاكنةِ.
          وأمَّا جمعُ الكثرةِ فعلى: بئَار _بكسرِ الموحَّدةِ فتحتيَّةٌ مفتوحةٌ خفيفةٌ_، والأبَّارُ _بتشديدِ الموحَّدةِ حافِرُها_، قالهُ في ((القاموس)) وزادَ: وأَبْأَرَ فُلانٌ جعَلَ له بِئْراً، وبأَرَ كمَنَعَ، وابْتَأَرَ حفَرَ بِئراً، والشَّيءَ: خَبَأَهُ وادَّخرَهُ، والخَيْرَ قدَّمَهُ أو عمِلهُ مَسْتوراً، انتهى.