الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من أخذ الغصن وما يؤذي الناس في الطريق فرمى به

          ░28▒ (باب مَنْ أَخَذَ) ولأبِي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: <من أخَّر> بتشديدِ الخاءِ المعجمةِ فراءٌ بدل الذَّالِ المعجمةِ؛ أي: بابُ بيَانِ ثوَابِ مَن نَحَى (الْغُصْنَ) أي: المؤذِيَ للمارِّينَ، والغُصْن: بضمِّ الغينِ المعجمةِ وسكُونِ الصَّادِ المهملةِ.
          قالَ في ((القاموس)): / ما تشَعَّبَ من سَاقِ الشَّجرِ دِقاقُها وغِلاظُها والصَّغيرةُ: بهاءٍ، والجمعُ غُصُونٌ وغِصَنَةٌ وأغْصَانٌ، انتهى.
          ونقَلَ شَيخُ الإِسلامِ عَن ابنِ الأثيرِ أنَّه أطرَافُ الشَّجرِ ما دَامَ ثابِتاً فيهَا، انتهى.
          وقولُهُ: (وَمَا يُؤْذِي النَّاسَ) أي: وغيرَهُم، عطفُهُ على ((الغُصنَ)) من عَطفِ العَامِّ على الخاصِّ، وقولُهُ: (فِي الطَّرِيقِ) متعلِّقٌ بـ((يُؤذِي))، وفي بعضِ النُّسخِ: <الطُّرُق> بالجمعِ (فَرَمَى بِهِ) أي: بالغُصْنِ في غيرِ الطَّريقِ، والفَرقُ بينَ هذِهِ التَّرجمةِ وبينَ التَّرجمةِ بقولِهِ: إمَاطَةُ الأَذَى المتقدِّمةِ قبلَ ثلاثَةِ أبوَابٍ أنَّ تلكَ أعمُّ من هذِهِ لعَدمِ تقييدِهَا بالطَّريقِ، وإن تساوَتَا في فَضلِ العُمُومِ للمزَالِ، قالهُ في ((الفتح)).
          وقالَ ابنُ المنيِّرِ: إنَّما ترجَمَ بالغُصْنِ لئلَّا يتخَيَّلَ أنَّ الرَّميَ بالغُصْنِ وغيرَهُ ممَّا يُؤذِي تصرُّفٌ في مُلكِ الغَيرِ بغيرِ إذنِهِ فيُمتنَعُ، فأرَادَ أن يبيِّنَ أنَّ ذلكَ لا يُمتنَعُ لما فيهِ من النَّدبِ إليهِ.