الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة ولكل امرئ ما نوى

          ░41▒ (باب: مَا جَاءَ): أي: بيان ما ورد في الحديث (أَنَّ الأَعْمَالَ): بفتح همزة (أَن) وجمع الأعمال معتبرة شرعاً أو صحيحة أو كاملة والأول أعم فائدة (بِالنِّيَّةِ): بالإفراد و(أن) ومعمولاها في تأويل مصدر فاعل (جاء).
          وقال في ((منحة الباري)): بفتح (أن) فاعل (جاء) أو على إضمار من؛ أي: من أن الأعمال وبكسرها على إضمار القول؛ أي: من قول النبي صلعم: (إِن الأعمال) وفي نسخة: <أن العمل>: أي: بإفرادهما، وعزاها القسطلاني لكريمة.
          (وَالْحِسْبَةِ): بكسر الحاء وإسكان السين المهملتين، من الاحتساب وهو الإخلاص، قاله العيني.
          وقال في ((الفتح)): والمراد بها طلب الثواب من الله تعالى.
          قال في ((الصحاح)): احتسبت عليه كذا؛ أي: أنكرته عليه، قاله ابن دريد، واحتسب بكذا أجراً عند الله، والاسم الحِسبة _بالكسر_ وهي الأجر، والجمع: الحِسَبُ. انتهى.
          وفي ((القاموس)): واحتسب بكذا أجراً عند الله: اعتمده ينوي به وجه الله واختبر ما عنده ولم يرد حديث لفظه: الأعمال بالنية والحسبة، فكان ينبغي أن يؤخرها دفعاً لهذا الوهم وجوابه إنما استدل بحديث عمر على أن الأعمال بالنية، وبحديث أبي مسعود على أن الأعمال بالحسبة.
          وقوله: (وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى): هو بعض حديث: (الأعمال بالنية) وأدخل قوله: (والحسبة): بين الجملتين إشارة إلى أن الثانية تفيد ما لا تفيده الأولى أو أن النية إنما تعتبر إذا كانت بالإخلاص وإلى أن التراجم ثلاثة فلو أخر الحسبة لم يفهم إلا ترجمتان: (الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى) والثانية: (والحسبة).
          وقول ((الفتح)): والمراد: طلب الثواب من الله بيان الحاصل المعنى المقصود. كما أشار إلى ذلك بقوله: والمراد، فلا يرد اعتراض العيني عليه بأنه: لم يقل أحد من أهل اللغة أن الحسبة طلب الثواب بل معناها ما ذكرناه عن أهل اللغة. انتهى.
          على أن ما ذكره عنهم ليس نصاً فيما ذكره ولا ظاهراً فيه بل عبارة ((الصحاح)) ظاهرة فيما قاله ابن حجر، / فليتأمل.
          (ولكل امرىء): أي: وامرأة (ما نوى): معطوف على (ما جاء) أو على مدخوله والعائد إلى (ما) الموصولة أو النكرة الموصوفة الواقعة مبتدأ مؤخر وخبرها الظرف قبلها محذوف ويجوز جعلها مصدرية.
          وقوله: (فَدَخَلَ فِيهِ): أي: فيما ذكر (الإِيمَانُ...إلخ): من كلام المصنف متفرع على ما قبله.
          وقال العيني: جواب شرط مقدر؛ أي: إذا كان الأعمال بالنية فدخل... إلخ، وفيه: أنه حينئذٍ يحتاج إلى تقدير (قد) أو زيادة (الفاء) وكل منهما خلاف الأصل، فافهم.
          ولابن عساكر زيادة: <قال أبو عبد الله> قبله، واعلم أن دخول الإيمان فيه على رأيه ظاهر؛ لأنه عمل بخلافه بمعنى التصديق فلا يفتقر إلى نية كسائر أعمال القلب من خشية الله ومحبته والتقرب إليه وغيرها؛ لأنها متميزة له تعالى فلا تحتاج لنية تميزها؛ لأن النية تميز العمل لله عن العمل لغيره وتميز مراتب الأعمال كالفرض عن النفل، وتميز العبادات عن العادات كالصوم عن الحمية، كذا قاله في ((الفتح)).
          وأقول: قد يقال: لا داعي لهذه التفرقة بل لا تصح إذ الإيمان بمعنى التصديق وما ذكر معه عمل قلبي يوجد مع نية وغيرها والمعتبر منه إذا كان مع النية فاللائق إبقاء عبارة البخاري على عمومها، فليتأمل على أن لو سلمنا أنها لا تحتاج إلى نية في إيجادها هي محتاجة إليها في حصول الثواب بالاتفاق.
          وقال العيني: إن أريد بالإيمان التصديق فلا دخل للنية فيه؛ لأن الشارع قال: (الأعمال بالنية) والأعمال حركات البدن ولا دخل للقلب فيه وإن كان المراد المعرفة فدخول النية فيه محال؛ لأن معرفة الله لو توقفت عل النية مع أن النية قصد المنوي بالقلب لزم أن يكون عارفاً بالله قبل معرفته وهو محال؛ ولأن المعرفة وكذا الخوف والرجاء متميزة لله تعالى بصورتها وكذا التسبيح وسائر الأذكار والتلاوة لا يحتاج شيء منها إلى نية التقرب. انتهى.
          وأقول: قد علمت ما فيه على إرادة التصديق، وكذا ما في معناه من أعمال القلب التي منها معرفة الله تعالى ويجاب عن قوله: لو توقفت معرفة الله على النية إلى قوله: لزم أن يكون عارفاً بالله قبل معرفته وهو محال: بأنه لا يلزم ما ذكر إذ المعرفة المتوقفة على النية هي المعرفة تفصيلاً وبالدليل، وأما المعرفة السابقة على النية فهي الإجمالية ككونه موجوداً وهذا الجواب موجود في كلامهم هو أو نظيره حيث اختلفوا أن الواجب أولاً هو المعرفة أو النظر أو القصد.
          لكن قال ابن المنير: ما كان من المعاني المحضة كالخوف والرجاء وغيرهما فلا يمكن أن يقع إلا منوياً وإلا استحالت حقيقته فهي فيه شرط عقلي.
          وأقول: إن أراد بالنية مطلق القصد بالمعنى اللغوي فلا يحتاج إليها ما ذكر على أنه قد يوجد نحو الرجاء والخوف عند سماع آية وعد و آية وعيد مثلاً، ولا نية له وإن أراد الشرعية فلا نسلم أنها لا توجد حقيقتها إلا بالنية.
          وأما اعتراض العيني: بأنه تناقض حيث جعل النية فيه حقيقة تلك المعاني، ثم قال: فالنية فيه شرط عقلي. انتهى.
          فجوابه: أنه لم يجعل النية في حقيقته بل ادعى أنها تستحيل حقيقته إذا لم توجد النية؛ لأنها فيه شرط عقلي، فتأمل.
          (وَالْوُضُوءُ): أي: الشرعي فإنه يحتاج لنية عند الجمهور من الشافعية والحنابلة والمالكية وعامة أصحاب الحديث خلافاً للحنفية والأوزاعي ومن رأى رأيهما، وليس تنصيص المؤلف على دخول هذه الأفراد لما فيها من الخلاف كما ستعلمه بدليل أنه ذكر الصلاة والحج ولا خلاف في أنهما لابد فيهما من النية اتفاقاً كما نعم هو في بعضها وقد أشار بقوله: (فدخل فيه الإيمان) إلى الرد على المرجئة.
          وقال ابن بطَّال: أراد البخاري الرد على قول المرجئة: أن الإيمان قول باللسان دون عقد القلب.
          واستدل الحنفية على عدم وجوب النية في الوضوء بأشياء منها: أن النبي ◙ علم الأعرابي الجاهل الوضوء ولم يعلمه النية ولو كانت فريضة لعلمه / إياها.
          وأجيب: باحتمال أنه كان يعلم النية لكنه لا يعلم كيفية الوضوء أو أنه علمها له لكن الراوي لم يذكرها لنسيان أو غيره.
          ومنها: أنه وسيلة قوية للعبادة لا عبادة مستقلة فلا ترد الصلاة لاستقلالها ولا التيمم لضعفه فيحتاجان عندهم أيضاً إلى نية وأما ما ذكره من اشتراط قصده ليحمل الثواب الموعود فهو قدر متفق عليه عند الجميع، فليتأمل.
          قال في ((الفتح)): واستدل الجمهور لاشتراط النية في الوضوء بالأدلة الصحيحة المصرحة بوعد الثواب عليه فلابد من قصد يميزه عن غيره ليحصل الثواب الموعود به.
          وأقول: عمدتهم الاستدلال بحديث: (إنما الأعمال بالنيات) _كما تقدم_ وهذا أولى في التعليل لهم من قول العيني: ليس الوضوء عبادة مستقلة وإنما هي وسيلة إلى الصلاة.
          لما أورد عليه مما نقله في ((الفتح)): من أنهم نوقضوا بالتيمم فإنه وسيلة وقد اشترط الحنفية فيه النية. انتهى.
          وإن عارضنا بقوله: ينتقض بتطهير الثوب والبدن عن الخبث فإنه طهارة ولم يشترط فيها النية إلى آخر ما أطال به مما يندفع للمتأمل فإن عدم إيجاب النية فيما عارض به؛ لأنه من باب الترك والرفع للنجاسة عن المحل، وقيل: لأن أمر النجاسة أسهل؛ لأنه عفي عن اليسير منها، ولأنه لم يجب إلا غسل موضع النجاسة فليتأمل، على أنه يتوقف على حصول الثواب في ذلك إلى قصد امتثال الشارع في الأمر بإزالتها.
          (وَالصَّلاَةُ): أي: الشرعية فرضاً كانت أو غيره فلا تصح إلا بالنية من غير خلاف على تفصيل فيها، سيأتي في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى (وَالزَّكَاةُ): أي: المفروضة فلابد فيها من النية عند الشافعية من المالك أو نائبه ليشمل الوكيل وولي الصبي عند الدفع إلى المستحق أو عند عزلها إلا إذا أخذها الإمام قهراً من الممتنع فتصح النية من الإمام بل تلزمه على الصحيح إقامة له مقام المالك، كما مر جوابه في الفروع.
          واعتراض عليهم العيني: بأنه كان ينبغي على أصلهم أن لا تسقط إلا بالنية منه؛ لأن السلطان قائم مقامه في دفعها إلى المستحقين لا في النية ولا حرج في اشتراط النية عند أخذ السلطان. انتهى.
          وأقول: فرض المسألة في الممتنع منها فإذا قام السلطان مقامه في الدفع لا في النية لزم أن لا يحصل للمالك نتيجة فأقمناه مقامه في الأمرين معاً تحصيلاً للفائدة فإن نوى المالك خرج عن كونه ممتنعاً فافهم.
          (وَالْحَجُّ): بالمعنى الشامل للعمرة فرضاً كان أو غيره، وأما وقوعه عن نفسه فيمن لم يحج عنها ممن نوى الحج عن غيره ويسمى حج الضرورة فلدليل خاص خص به العام، وهو حديث ابن عباس في قصة شبرمة الذي رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي بإسناد صحيح: أن النبي صلعم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: (منْ شبرمة؟)، قال: أخ له أو قريب له، فقال النبي: (حججت عن نفسك؟) قال: لا، قال: (حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة). وفي رواية للبيهقي: (فاجعل هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمة). ولما ترتب الضمان على العاقلة أو على الجاني آخراً في الخطأ وفي الإتلافات الواقعة بغير قصد الموجبة للضمان فمن قبيل ربط الحكم بالسبب كما في ضمان إتلاف الطفل أو المجنون في ماله ونحوه من الأحكام الموضعية.
          (وَالصَّوْمُ) عند الجمهور فلا بد من النية فيه على تفصيل سيأتي في بابه، وخالفه في ذلك عطاء ومجاهد وزفر في الصحيح المقيم في رمضان فقالوا: لا يحتاج إلى نية؛ لأنه لا يصح النقل منه في رمضان ولا بد عندنا من تعيين الرمضانية خلافاً للحنفية. وقدم المصنف الحج على الصوم تمسكاً بما ثبت عنده في حديث: (بني الإسلام على خمس).
          (وَالأَحْكَامُ) أي: باقيها فيدخل فيه المعاملات والمناكحات والجراحات إذ يشترط في كلها القصد ولهذا لو سبق لسانه إلى بعت أو وهبت مثلاً أو نكحت أو طلقت لغا لعدم القصد له لكنه لا يصدق ظاهراً إلا بقرينة كأن دعا زوجته بعد طهرها إلى فراشه وأراد أن يقول: أنت طاهر فسبق لسانه، وقال: أنت طالق فإنه حينئذٍ يصدق ظاهراً وباطناً.
          وأما قول الكرماني: والأحكام؛ أي: بتمامها...إلخ: فقد اعترض عليه أن كثيراً من الأحكام لا يحتاج إلى نية كأداء الدين ورد الودائع والإنكار والهداية إلى الطريق وإماطة الأذى ونحو ذلك فإنها تصح بلا نية إجماعاً.
          وقد اعترض بمثل ذلك / على قول ((الفتح)): والأحكام؛ أي: المعاملات التي يدخل فيها الاحتياج إلى المحاكمات فيشمل البيوع والأنكحة والأقارير وغيرها. انتهى، فليتأمل.
          (وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى): وللأصيلي وكريمة: <╡>، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر بحذف الواو. قال الكرماني: الظاهر أنه جملة حالية لا عطف. قال في ((الفتح)): ويحتمل أن تكون للمصاحبة.
          وأقول: لا يظهر كونها للمصاحبة فإن المفعول معه لا بد وأن يكون اسماً صريحاً عند كثيرين أو مؤولاً عند آخرين ولم يوجد عند واحد منهما فإن أراد بيان المعنى فليس بزائد على ما قاله الكرماني فكيف يجعله مقابلاً له.
          وقال العيني: ليت شعري ما هذه الحال وأين ذو الحال وهل هي مبينة لهيئة الفاعل أو المفعول والماضي إذا وقع حالاً لا بد من قد ودعوى أنها مضمرة كما في قوله تعالى: {أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} [النساء:90] خلاف الأصل، وأنكره الكوفيون نعم يمكن أن تجعل للحال بتقدير محذوف وتكون الجملة اسمية والتقدير: كيف لا يدخل الإيمان وأخواته التي ذكرها في قوله: (الأعمال بالنية) والحال أن الله تعالى قال: ({قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء:84]) وقوله: لا عطف، ليس بسديد؛ لأنه يجوز أن تكون للعطف على محذوف تقديره: فدخل فيه الإيمان...إلخ؛ لأنه ◙ قال: (الأعمال بالنية) وقال تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء:84] وتفسير بعضهم بقوله: أي: مع أن الله تعالى يشعر بأن الواو للمصاحبة.
          وقد تبع الكرماني بأنها للحال وبينهما تناف على أن الواو بمعنى مع لا يخلو إما أن تكون واو المفعول معه أو الداخلة على المضارع المنصوب لعطفه على اسم صريح أو مؤول والواو هنا ليست من القبيلتين، ويجوز أن تكون بمعنى لام التعليل على ما نقل عن الخارزنجي، فالمعنى هنا فدخل فيه الإيمان وأخواته لقوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} انتهى ملخصاً.
          وأقول: الظاهر غير ما قالوه جميعاً وهو أن يجعل الواو للعطف على ما جاء (أن الأعمال بالنية)، و(ما) الداخلة على (جاء) مصدرية والتقدير: باب مجيء كون الأعمال بالنية، وقول الله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} ولا ضير في جعله من جملة الترجمة، كما يقع له كثيراً وحديث: (الأعمال) يناسبها فليتأمل فإنه إن شاء الله صحيح لا تكلف فيه ولا خفاء.
          وأما ترديد أنه في كلام الكرماني وابن حجر فهي سهلة الدفع _إن شاء الله_ وكذا ما جوزه من الاحتمالات فهي ظاهرة التكلفات سوى جعلها للتعليل ومع ذلك فهو أقل من القليل لكن الكلام عليها يستدعي طولاً فنشير إلى بعض شيء منه فنقول: هذه الحال مبينة لهيئة فاعل (جاء) أو لمفعوله الغير الصريح على الاحتمالين السابقين أو للضمير المستقر في: (بالنية) أو من فاعل (فدخل) وهو المناسب لكلامه حيث قال: يريد أن الآية أيضاً تدل على أن جميع الأعمال على حسب النية، فهي مقوية لما قال فدخل فيه كذا وكذا. انتهى.
          وتقدير: قد، مطرد في مذهب البصريين وإن أنكره الكوفيون؛ لأن قد عند البصريين لازمة في الماضي الواقع حالاً فإن لم تكن ظاهرة احتاجوا إلى تقديرها.
          وتفسير ابن حجر تفسير معنى الإعراب فلا منافاة بين ما قاله وبين تبعيته للكرماني وكأن العيني لم يقع له في نسخته قول ((الفتح)): ويحتمل أن تكون للمصاحبة وإلا فكيف يقول: يشعر...إلخ، فتأمل وأنصف.
          وليس الغرض إلا بيان الصواب، والآية في سورة الإسراء، وهي: {قُلْ} يا محمد {كُلٌّ} مبتدأ وسوغ الابتداء به العموم وجملة: {يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} خبره.
          وقوله: (عَلَى نِيَّتِهِ): تفسير منه لشاكلته بحذف أداة التفسير، وهذا التفسير مروي عن الحسن البصري ومعاوية بن قرة المزني وقتادة فيما أخرجه عبد بن حميد والطبري عنهم وعن مجاهد والزجاج الشاكلة: الطريقة أو الناحية، وهذا قول الأكثر، وقيل: الدين، وكلها متقاربة.
          قال في ((الكشاف)): {عَلَى شَاكِلَتِهِ}؛ أي: على مذهبه وطريقته التي تشاكل حاله في الهدى والضلالة من قولهم: طريق ذو شواكل وهي الطرق التي تشعب منه، والدليل عليه قوله: {فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً} [لقمان:84]: أي: أسد مذهباً وطريقة.
          وقال البغوي: ومجاز الآية كل يعمل ما يشبهه، كما يقال في المثل: كل امرئ يشبهه / فعله.
          وقال البيضاوي: أي: كل أحد يعمل على طريقته التي تشاكل حاله في الهدى والضلالة أو جوهر روحه وأحواله التابعة لمزاج بدنه، وقد فسرت الشاكلة بالطبيعة والعادة والدين.
          (ونَفَقَةُ الرَّجُلِ) مبتدأ ومضاف إليه وسقطت الواو في (اليونينية) وفرعها، وسقطت هذه الجملة بأسرها لأبوي ذرٍّ والوقت والأصيلي، وابن عساكر، وعلى ما قاله الكرماني في: (وقال الله): حكم هذه الجملة والآتية كذلك، فافهم.
          (عَلَى أَهْلِهِ): متعلق بنفقة، وجملة (يَحْتَسِبُهَا): حال من المضاف إليه لوجود شرطه أو معترضة (صَدَقَةٌ) خبر المبتدأ، والمقصود منه تقوية ما ذكره، قاله الكرماني، والجملة معطوفة على (جاء)، ويحتمل أن يقرأ: (ونفقةَ): بالنصب عطف على (الأعمال) ولا مانع من جعله من الترجمة.
          وحديث ابن مسعود يدل عليه (وَقَالَ النبي صلعم): أي: يوم الفتح في حديث ابن عباس المسند للمصنف في الجهاد بلفظ: (لا هجرة بعد الفتح وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ) أي: ولكن طلب الخير مجاهدة ونية وسقط للأربعة: <وقال النبي صلعم>.