الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب الزكاة من الإسلام

          ░34▒ (بَابٌ): بالتنوين وعدمه (الزَّكَاةُ مِنَ الإِسْلاَمِ): أي: من شعبه (وَقَوْلُهُ تَعَالَى): بالرفع والجر، وللأصيلي: <╡>، ولابن عساكر: <سبحانه> وسقط: <وقوله تعالى> في رواية أبي ذر في سورة: {لَمْ يَكُن} ({وَمَا أُمِرُوا}): معطوف على {وَمَا تَفَرَّقَ}({إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ}): هو استثناء من أعم عام المفعول لأجله؛ أي: وما أمر الله أهل الكتاب في التوراة والإنجيل بما فيهما لأجل شيء من الأشياء إلا لعبادة الله ({مُخْلِصِيْنَ}): حال من الفاعل ({لَهُ الدِّيْنَ}): أي: غير مشركين في عبادتهم أحداً بل أرادوا بها وجهه تعالى إذ الإخلاص روح العبادة ({حُنَفَاءَ}): حال مترادفة أو متداخلة؛ أي: مائلين عن الضلال إلى الهدى ({وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ}): من عطف الخاص على العام، وكذا ({وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ}): لتفضيل الصلاة والزكاة على سائر العبادات، وتقدم معنى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ({وَذَلِكَ}): أي: المذكور من العبادة، وما عطف عليها ({دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5]): أي: دين الملة المستقيمة، فقد جاء قام بمعنى استقام ومنه: {أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ} [سورة آل عمران:113]: أي: مستقيمة.
          وقال في ((الكشاف)): {وَمَا أُمِرُوا} يعني: في التوراة والإنجيل إلا بالدين الحنيفي، ولكنهم حرفوا وبدلوا، {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} وقرئ: ▬وذلك الدينُ القيمةُ↨ على تأويل الدين بالملة.
          فإن قلت: ما وجه قوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ}[البينة:5
          قلت: معناه: وما أمروا بما في الكتابين إلا لأجل أن يعبدوا الله على هذه الصفة.
          وقرأ ابن مسعود: ▬إلا أن يعبدوا↨ بمعنى: بأن يعبدوا. انتهى.
          وفي البغوي: أضاف الدين إلى {الْقَيِّمَةِ}، وهي نعته لاختلاف اللفظين وأنث القيمة رداً بها إلى الملة، وقيل: الهاء للمبالغة فيه، وقيل: القيمة هي الكتب التي جرى ذكرها، وقال الخليل بن أحمد: القيمة: جمع القيم والقيم والقائم واحد، ومجاز الآية: وذلك دين القائمين لله بالتوحيد. انتهى ملخصاً.
          والآية دالة على ما ترجم له؛ لأن المراد بدين القيمة الإسلام وخص الزكاة بالترجمة مع اشتمال ما ذكره على ثلاثة أشياء؛ لأن ما عداها قد أفرده بتراجم أخرى.
          وقال التيمي: خص هذا الحديث بالإيراد في أن باب الزكاة من الإيمان، وإن كان فيه دلالة على أن الصلاة والصيام من الإيمان؛ لأنه استغنى في غير هذا الباب بغير هذا الحديث، ولم يجد في هذا شيئاً آخر.