نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارة والمناجاة

          ░47▒ (بابٌ إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةٍ فَلاَ بَأْسَ بِالْمُسَارَّةِ وَالْمُنَاجَاةِ) أي: إذا كان المتناجون أكثر من ثلاثة أنفس، فلا بأس بالمسارة مع بعض دون بعض لعدم التَّوهُّم الحاصل بين الثَّلاثة، وسقط لفظ: ((باب)) في رواية أبي ذرٍّ. وقال الحافظُ العسقلاني: وعطف المناجاة على المسارَّة من عطف الشَّيء على نفسه وهو جائزٌ إذا كان بغير لفظه؛ لأنَّهما بمعنى واحد.
          وقيل: بينهما مغايرةٌ وهي أنَّ المسارَّة وإن اقتضت المفاعلة، لكنَّها باعتبار من يُلقي السِّرَّ ومن يُلقى إليه، والمناجاة تقتضي وقوع الكلام سرًّا من الجانبين، فالمناجاةُ أخصُّ من المسارَّة فيكون من عطف الخاصِّ على العام. انتهى.
          وقال العيني: إذا كان لفظان معناهما واحداً يجوز عطف أحدهما على الآخر باختلاف اللَّفظين، وأمَّا قوله: بينهما مغايرةٌ / فليس بصحيحٍ؛ لأنَّه لا فرق بينهما من حيث اللُّغة. قال الجوهري: السِّرُّ الَّذي يُكتم. ثمَّ قال في باب نجا: النَّجو: السِّرُّ بين اثنين، يقال: نجوته نجواً؛ أي: ساررته وكذلك ناجيته، وكلٌّ من المسارَّة والمناجاة من باب المفاعلة، وهذا الباب للمشاكلة يتعلَّق بأحدهما صريحاً، وبالآخر ضمناً، فإذا كان كذلك كيف يكون المناجاة أخصُّ من المسارَّة؟! فإذا لم يكن أخصَّ منها كيف يكون من عطف الخاصِّ على العام؟!