نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من أجاب بلبيك وسعديك

          ░30▒ (بابٌ مَنْ أَجَابَ) لمن ناداه أو سأله (بِلَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ) أمَّا لبيك، فمعناه: أنا مقيمٌ على طاعتك من قولهم: لبَّ بالمكان: إذا أقام به، وقيل: معناه إجابةٌ بعد إجابةٍ، وهذا من المصادر التي حذف فعلها لكونه وقع مثنى، وذلك يوجب حذف فعله قياساً؛ لأنَّهم لمَّا ثنُّوه صار كأنَّهم ذكروه مرَّتين، فكأنَّه قيل: لبا لبا، ولا يستعمل إلَّا مضافاً، ومعنى لبيك الدَّوام والملازمة، فكأنَّه إذا قال: ((لبَّيك))، قال: أدوم على طاعتك وأقيمها مرَّة بعد أخرى؛ أي: شأني الإقامة والملازمة.
          وأمَّا ((سعديك)) فمعناه في العبادة أنا متَّبعٌ أمرك غير مخالفٍ لك فأسعدني على متابعتك إسعاداً بعد إسعادٍ، وأمَّا في إجابة المخلوق، فمعناه: أسعدك إسعاداً بعد إسعاد؛ أي: مرَّةً بعد أخرى.