نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الاستلقاء

          ░44▒ (بابُ) جواز (الاِسْتِلْقَاءِ) وهو الاضطجاع على القفاء، ووضع الظَّهر على الأرض سواءٌ كان معه نومٌ أم لا. وقد وضع الطَّحاوي لهذا باباً، وبيَّن فيه الخلاف، فروى حديث جابر ☺ من خمس طرقٍ: أنَّ رسول الله صلعم كره أن يضعَ الرَّجل إحدى رجليه على الأخرى. ورواه مسلمٌ ولفظه: أنَّ رسول الله صلعم نهى عن اشتمال الصَّمَّاء والاحتباء في ثوبٍ واحدٍ، وأن يرفع الرَّجل إحدى رجليه على الأخرى، وهو مستلقٍ على ظهره.
          ثمَّ قال الطَّحاوي: فكره قومٌ وضع إحدى الرِّجلين على الأخرى، واحتجُّوا في ذلك بالحديث المذكور.
          قال العيني: أراد بالقومِ هؤلاء محمد بن سيرين ومجاهداً وطاوساً وإبراهيم النَّخعي، ثمَّ قال: وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بذلك بأساً، واحتجُّوا في ذلك بحديث الباب [خ¦6287] وهم الحسن البصري والشَّعبي وسعيد بن المسيِّب وأبو مجلز لَاحق بن حُميد، ومحمَّد ابن الحنفية.
          وأطال الكلام في هذا الباب، وملخَّصه: أنَّ حديث الباب نسخ حديث جابر ☺. وقيل: يجمع بينهما بأن يحملَ النَّهي على أنَّه حيث يخشى أن تبدوَ العورة والجواز حيث يؤمن ذلك، ورجَّح الثَّاني أنَّ النَّسخ لا يثبت بالاحتمال، وعلى هذا فيجمع بينهما بما ذكر، وجزم به البغوي والبيهقي وغيرهما. والظَّاهر: أنَّ فعله صلعم كان لبيان الجواز، وكان في وقت الاستراحة لا عند مجتمع النَّاس؛ لما عرف من عادته صلعم من الجلوس بينهم بالوقار التَّام.
          وعند البيهقيِّ عن محمد بن نوفل: أنَّه رأى أسامة بن زيد ☻ في مسجد رسول الله صلعم مضطجعاً إحدى رجليه على الأخرى.