نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من اتكأ بين يدى أصحابه

          ░35▒ (بابُ مَنِ اتَّكَأَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ) قيل: الاتِّكاء: الاضطجاع، وقد مضى في حديث عمر ☺ في ((كتاب الطَّلاق)) [خ¦5191]: وهو متَّكئٌ على سرير؛ أي: مضطجعٌ بدليل قوله: قد أثَّر السَّرير في جنبه، كذا قال القاضي عياض. وفيه نظرٌ؛ لأنَّه يصحُّ مع عدم تمام الاضطجاع.
          وقد قال الخطَّابي: كلُّ معتمدٍ على شيءٍ متمكِّن فهو متَّكئٌ، وإيراد البُخاري حديث خباب المعلَّق يشير إلى أنَّ الاضطجاع اتِّكاءٌ وزيادةٌ. وأخرج الدَّارمي والتِّرمذي وصحَّحه هو وابن عَوَانة وابن حبَّان عن جابر بن سَمُرة ☺: / رأيت النَّبي صلعم متَّكئاً على وسادة.
          ونقل ابنُ العربي عن بعض الأطبَّاء: أنَّه كره الاتِّكاء، وتعقَّبه: بأنَّ فيه راحةً كالاستناد والاحتباء.
          وقال ابنُ الأثير: الاضطجاع هو النَّوم. وقال الجوهريُّ: ضجع الرَّجل؛ أي: وضعَ جنبه على الأرض واضطجعَ مثله. وقيل: الوجه في إيراد حديث خبَّاب هو أنَّ التَّوسُّد يأتي بمعنى: الاتِّكاء، لا سيَّما على قول الخطَّابي المذكور.
          (قَالَ خَبَّابٌ) بفتح المعجمة وتشديد الموحدة وآخره موحدة أيضاً، هو: ابنُ الأرتِّ الصَّحابي المشهور (أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلعم وَهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً) وفي رواية أبي ذرٍّ عن الحمويي والكُشميهني: <ببرده> بالهاء.
          (قُلْتُ: أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ فَقَعَدَ) وهذا المعلَّق من حديث طويل قد مضى موصولاً في ((علامات النبوة)) [خ¦3612] قال: حدَّثني محمد بن المثنى: حدثنا يحيى عن إسماعيل: حدثنا قيس، عن خبَّاب بن الأرت، قال: شكونا إلى رسول الله صلعم وهو متوسِّدٌ بُرْدَةً له في ظلِّ الكعبة قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا... الحديث.
          ومضى أيضاً في أول باب ((مبعث النَّبي صلعم )). [خ¦3852]