إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالةً

          4409- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ يُونُسَ) هو أحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ يونس اليربوعيُّ قال: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ _هُوَ ابْنُ سَعْدٍ_) بسكون العين، ابن إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمن بنِ عوفٍ الزُّهريُّ القرشيُّ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ) محمَّد بنُ مسلمٍ الزُّهريُّ (عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ) بسكون العين (عَنْ أَبِيهِ) سعدِ بنِ أبي وقَّاص مالك ☺ ، أنَّه (قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ صلعم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ) بالشين المعجمة والفاء، أشرفتُ (مِنْهُ عَلَى المَوْتِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ) هي أمُّ الحكمِ، ووهمَ من قال: إنَّها عائشة؛ لأنَّ عائشةَ أصغرُ أولادهِ، وعاشت إلى أن أدركَهَا مالكُ بن أنسٍ. قاله ابن حجرٍ في «المقدمة» (فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟) استفهامٌ استخباريٌّ محذوفُ الأداةِ (قَالَ) ╕ : (لَا، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟) بإثبات همزة الاستفهام (قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَالَ) ╕ : (وَالثُّلُثُ(1) كَثِيرٌ) بالمثلثة، أي: بالنِّسبةِ إلى ما دونهُ، أو التَّصدُّقُ به كثير أجره (إِنَّكَ) بكسر الهمزة (أَنْ تَذَرَ) بفتح الهمزة(2) على التعليل وبالذال المعجمة، أي: أن تتركَ (وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً) بتخفيف اللام، فقراء (يَتَكَفَّفُونَ) يسألونَ (النَّاسَ) بأكُفِّهم بأن يبسطوهَا للسُّؤال (وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِيِّ امْرَأَتِكَ) فمها (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، آأُخَلَّفُ) بهمزة مفتوحة ممدودة ملحقة في «اليونينية» ساقطة من فرعها، أي: أأتركُ بمكَّة (بَعْدَ أَصْحَابِي؟) المسافرينَ معك إلى المدينةِ (قَالَ) صلعم : (إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ) بأن يطولَ عمرك (فَتَعْمَلَ عَمَلًا تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى تَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ) من المسلمينَ بما يفتحه الله على يديكَ من بلادِ الكفرِ ويأخذه المسلمون(3) من الغنائمِ (وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ) من المشركينَ (اللَّهُمَّ أَمْضِ) بهمزة قطع، أي: أتمِم (لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ) التي هاجروهَا من مكَّة إلى المدينةِ (وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ) بتركِ هجرتِهم ورجُوعِهم عن مستقيمِ حالِهم فيخيب قصدهم. قال الزُّهريُّ / : (لَكِنِ البَائِسُ) الذي عليه أثرُ البؤسِ من شدَّةِ الفقرِ والحاجة (سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ) العامري المهاجريُّ البدريُّ (رَثَى لَهُ) بصيغة الماضي، أي: حزنَ لأجلِه (رَسُولُ اللهِ صلعم أَنْ تُوُفِي بِمَكَّةَ) بفتح الهمزة، أي: لموتهِ(4) بالأرضِ التي هاجَرَ منها، ولا يصحُّ كسرُهَا لأنَّها تكون شرطيَّة، والشَّرط لِمَا يُستقبلُ، وهو كانَ قد ماتَ.
          وسبق الحديث في «الجنائزِ» [خ¦1295] و«الوصايا» [خ¦2742].


[1] في (س) و(ب): «الثلث والثلث».
[2] في (س): «إِنَّكَ» بكسر الهمزة وبفتحها على التعليل «أَنْ تَذَرَ» بفتح الهمزة.
[3] «بما يفتحه الله على يديك من بلاد الكفر ويأخذه المسلمون»: ليست في (م).
[4] في (ص): «لأن موته»، وفي (ل): «لا موته».