إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

معلق الليث: لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين

          4322- (وَقَالَ اللَّيْثُ) بنُ سعدٍ الإمامُ، فيما وصلهُ المؤلِّف في «الأحكام» [خ¦7170] عن قتيبةَ عن اللَّيث: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) الأنصاريُّ (عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ) بضم العين، مولى أبي أيُّوبَ (عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ) نافع (مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ) ☺ (قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَآخَرُ مِنَ المُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ) بخاء معجمة ساكنة وفوقية مكسورة، أي: يخدعهُ (مِنْ وَرَائِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِي، وَأَضْرِبُ) بواو فهمزة(1) قطع، ولأبي ذرٍّ ”فأضرب“ (يَدَهُ فَقَطَعْتُهَا، ثُمَّ أَخَذَنِي فَضَمَّنِي ضَمًّا شَدِيدًا حَتَّى تَخَوَّفْتُ) الموتَ، فحذف المفعول (ثُمَّ تَرَكـ)ـنِي من التَّركِ‼، كذا في الفَرْع كأصلهِ مصحَّحًا عليه مع حذف المفعول. وقال في «فتح الباري» وغيرِه ”بركَ“ كذا بالموحدة للأكثر، ولبعضهم بالمثناة (فَتَحَلَّلَ، وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ، وَانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ) أي: غير / النَّبيِّ صلعم ومن معه (فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِي النَّاسِ) الَّذين لم ينهزموا (فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللهِ) أي: هذا حكمه (ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ) الَّذين انهزموا (إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ) قال أبو قتادةَ: (فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا) أي: ظهرَ (لِي، فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صلعم . فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلَاحُ هَذَا القَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ) أبو قتادةَ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”الَّذي ذكره“ (عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) ☺ (كَلَّا) بكاف ولام مشددة، حرفُ ردعٍ (لَا يُعْطِهِ) أي: السَّلب (أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ) بضم الهمزة وفتح الصاد المهملة وسكون التحتية وكسر الموحدة بعدها غين معجمة، وصفه بالعجزِ والهوانِ تشبيهًا بالأُصَيْبِغ(2)؛ وهو نوع من الطُّيورِ، وقيل: شبَّههُ بالصَّبغاءِ؛ وهو نبتٌ ضعيفٌ كالثُّمَام، ولأبي ذرٍّ _كما ذكره في «الفتح»_: ”أُضيبع“ كذا في «اليونينية»(3) بمعجمة ثم مهملة(4) وفوق العين نصبتين، تصغير «ضبع» شبَّهَهُ به لضعفِ افتراسهِ، وما يوصفُ به من العجزِ، قيل: وهو مناسبٌ للسياقِ حيثُ قال: (وَيَدَعَ(5)) أي: يترك (أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللهِ)(6) واعترضَ بأنَّ تصغير ضبع: ضُبيع، لا أُضيبع. وقال ابن مالك: أُضيبِعُ تصغير أَضبع؛ وهو القصيرُ الضَّبع، أي: العضد، ويكنَّى به عن الضَّعيفِ. وقال الحافظ أبو ذرٍّ الهرويُّ: يقال: ”أُصيبع“ _بالصاد والعين المهملتين_ ”وأُصَيبغ“ _بالصاد المهملة والغين المعجمة_ (يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ صلعم . قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم فَأَدَّاهُ) أي: السِّلاح (إِلَيَّ) بتشديد التحتية (فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ) بثمنهِ (خِرَافًا) بكسر الخاء المعجمة. قال السَّفاقسيُّ: هو اسم ما يُخْترفُ، أقامَ الثَّمرةَ مقامَ الأصلِ، وقيل: الخرافُ المَخْرف(7)، والمخرفُ لا يكونُ جنَى النَّخلِ وإنَّما هو النَّخلُ نفسها(8)، والثَّمرُ يسمَّى مَخْرُوفًا، والمرادُ هنا: البستانُ (فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ) اقتنيته (فِي الإِسْلَامِ) وعند ابنِ إسحاق: أوَّل مالٍ اعتقدتهُ، أي: جعلتُهُ عقدَةً، والأصلُ فيه من العقدِة؛ لأنَّ من ملكَ شيئًا عقدَ عليهِ، وذكرَ الواقديُّ أنَّ البستانَ المذكور كان يقالُ له: الوَدِّيَّيْنِ.


[1] في (ص): «وهمزة».
[2] في (ص): «بالأصبغ».
[3] «كذا في اليونينية»: ليست في (د).
[4] يقصد وعين مهملة انظر الفتح(8/41).
[5] في (ل): «ويدعُ».
[6] سياق العبارة في (س) و(ص) هكذا: تصغير ضبع قيل: وهو مناسب للسياق حيث قال: ويدع؛ أي: يترك، أسد من أسد الله، فشبهه لضعف افتراسه وما يوصف به من العجز.
[7] «المخرف»: ليست في (د).
[8] في (م): «نفسه».