إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه

          4318- 4319- وبه قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ ابْنُ عُفَيْرٍ) هو سعيدُ بنُ كثيرِ بنِ عُفَيْر _بضم العين وفتح الفاء_ ابنِ مسلمٍ الأنصاريُّ مولاهم البَصريُّ قالَ: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (لَيْثٌ) ولأبي ذرٍّ ”اللَّيثُ بنُ سعدٍ“ الإمام قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عُقَيْلٌ) بضم العين، ابنُ خالدٍ الأيليُّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمد بنِ مسلمٍ الزُّهريِّ.
          قال المؤلف‼: (وَحَدَّثَنِي) بواو العطف والإفراد (إِسْحَاقُ) بنُ منصورٍ المروزِيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بنِ سعدِ بنِ إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ) محمد بنِ عبدِ اللهِ (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ) الزُّهريُّ: (وَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ) بنِ العوَّامِ (أَنَّ مَرْوَانَ) بنَ الحكمِ الأمويَّ، ولد سنة اثنتين من الهجرة، ولم يرَ النَّبيَّ صلعم (وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ) بنِ نوفلٍ الزُّهريَّ، له صحبةٌ (أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم ) وهو مرسلٌ؛ لأنَّ المسور يصغرُ عن إدراكِ هذه القصَّة، ومروان أصغر منه (قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ) حال كونهم (مُسْلِمِينَ) لمَّا انصرفَ ╕ من الطَّائف في شوال إلى الجِعْرانة وبها سَبْيُ هوازن (فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ) وذكر الواقديُّ أنَّ وفد هوازن كانوا أربعةً وعشرين بيتًا، فيهم أبو بَرْقانَ السَّعدِيُّ، فقال: «يا رسول الله، إنْ في هذه الحظائرِ إلا أمَّهاتُك وخالاتُكَ وحواضنُكَ ومرضعاتُكَ، فامنُن علينا، منَّ اللهُ عليك» (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلعم : مَعِي مَنْ تَرَوْنَ) بفتح الفوقية، منَ الصَّحابةِ (وَأَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا) أن أردَّ إليكم (إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) أي: الأمرين (إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا المَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ) بسكون المهملة وفتح الفوقية بعدها همزة ساكنة فنون مفتوحة فتحتية ساكنة (بِكُمْ) أي: أخَّرت قسمَ السَّبي بسببكم لتحضُروا، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”لكم“ أي: لأجلكم، فأبطأتُم حتَّى ظننتُ أنَّكم لا تقدمون، وقد قسمتُ السَّبي (وَكَانَ أَنْظَرَهُمْ) كذا في الفَرْع، وفي نسخة: ”انتظرَهُم“ بزيادة فوقية بعد النون (رَسُولُ اللهِ صلعم بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً) لم يقسم السَّبي وتركه بالجِعْرانة (حِينَ قَفَلَ) أي: رجع (مِنَ الطَّائِفِ) إلى الجِعْرانة (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلَّا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) المال أو السَّبي (قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلعم فِي المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ) وفد هوازنَ (قَدْ جَاؤوْنَا) حال كونهم (تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ) نفسه(1) بدفع السَّبي مجَّانًا من غير عوضٍ (فَلْيَفْعَلْ) جواب الشرط (وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ) من السَّبي (حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ) أي: عوضه (مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ، فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ) لهم، أي: حملنا أنفسنا على تركِ السَّبايا حتى طابت بذلك (يَا رَسُولَ اللهِ) يقال: طابتْ نفسي بكذا إذا حملتَها على السَّماح من غير إكراهٍ فطابت بذلك (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّا لَا نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ) أي: نقباؤكم (أَمْرَكُمْ، فَرَجَعَ النَّاسُ‼ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلعم فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا) ذلك (وَأَذِنُوا) له صلعم أن يردَّ السَّبي إليهم، قال ابنُ شهاب: (هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْ سَبْي هَوَازِنَ).
          وهذا الحديث قد سبق في «باب ومن الدَّليل على أنَّ الخمس لنوائب / المسلمين» [خ¦3131].


[1] في (م) زيادة: «به».