إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن جابرًا أخبر أنه غزا مع رسول الله قبل نجد

          4134- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحَكَم بنُ نافعٍ قال: (حَدَّثَنَا) ولأبوي ذرٍّ والوقتِ ”أَخْبَرنا“ (شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حَمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (سِنَانٌ) هو ابنُ أبي سنَان الدُّؤليُّ، كما في الرِّواية الأخرى [خ¦4135] (وَأَبُو سَلَمَةَ) بنُ عبدِ الرَّحمن بن عوفٍ (أَنَّ جَابِرًا) الأنصاريَّ ☺ (أَخْبَرَ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم قِبَلَ نَجْدٍ) أي: جهتَها.
          4135- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بنُ أبي أويسٍ قال: (حَدَّثَنِي) بالتَّوحيد (أَخِي) عبدُ الحميد (عَنْ سُلَيْمَانَ) بنِ بلالٍ (عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ) هو محمَّد بنُ عبدِ الرَّحمن بن أبي بكرٍ، ونسبهُ لجدِّه (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ)‼ يزيدَ بنِ أميَّة (الدُّؤَلِيِّ) بضم الدال المهملة بعدها همزة مفتوحة فلام، وثَّقه العجليُّ وغيره، وليسَ له في البُخاري إلَّا حديثٌ في «الطِّبِّ» [خ¦5775] وهذا الذي هنا (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ☻ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ) رجع (رَسُولُ اللهِ صلعم قَفَلَ) رجع (مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ) شدَّة الحرِّ في وسطِ النَّهار (فِي وَادٍ كَثِيرِ العِضَاهِ) بكسر العين المهملة وفتح الضاد المعجمة المخففة وبعد الألف هاء، شجرٌ عظيمٌ له شوك كالطَّلْحِ والعَوْسَجِ (فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ(1) صلعم وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي العِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم تَحْتَ سَمُرَةٍ) بسين مهملة وراء مفتوحتين بينهما ميم مضمومة، شجرةٌ كثيرةُ الورق يستظلُّ بها (فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ. قَالَ جَابِرٌ) بالسَّند السَّابق: (فَنِمْنَا نَوْمَةً ثُمَّ إِذَا(2) رَسُولُ اللهِ صلعم يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ) بينَ يديهِ، يأتي ذكره قريبًا إن شاء الله تعالى، وقوله: «فإذا»، في الموضعينِ للمفاجأة (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : إِنَّ هَذَا) الأعرابيَّ (اخْتَرَطَ سَيْفِي) أي: سلَّه(3) (وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهْوَ فِي يَدِهِ) حال كونه (صَلْتًا) بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها فوقية، مجرَّدٌ(4) من غِمده بمعنى: مصلوت (فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي) إن قتلتُك(5) بهِ؟ (قُلْتُ) له: (اللهُ) يمنعني منك (فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ) وعندَ ابنِ إسحاقٍ بعد قوله: «الله»: فدفعَ جبريلُ في صدرهِ فوقَع السَّيف من يدهِ، فأخذهُ النَّبيُّ صلعم وقال: «من يمنعُكَ منِّي؟» قال: لَا أحد (ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللهِ صلعم ) استئلافًا للكفَّار ليدخلُوا في الإسلامِ، وعند الواقديِّ: أنَّه أسلمَ ورجعَ إلى قومهِ، فاهتدى / بهِ خلقٌ كثيرٌ.
          4136- (وَقَالَ أَبَانُ) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة وبعد الألف نون، ابنُ يزيدَ العطَّار البصريُّ، فيما وصله مسلمٌ (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ) الإمامُ أبو نصرٍ اليمانيُّ الطَّائيُّ مَولاهم (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بنِ عبدِ الرَّحمن (عَنْ جَابِرٍ) أنَّه(6) (قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلعم بِذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ) ذات ظلٍّ (تَرَكْنَاهَا لِلنَّبِيِّ صلعم ) لينزل تحتها، ويستظلَّ بها، فنزلَ تحت شجرةٍ (فَجَاءَ(7) رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَسَيْفُ النَّبِيِّ صلعم مُعَلَّقٌ بِالشَّجَرَةِ) وهو نائمٌ(8) (فَاخْتَرَطَهُ) أي: سلَّه (فَقَالَ له: تَخَافُنِي؟ فقَالَ) له ◙ : (لَا قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ) ◙ (اللهُ) يمنَعني منكَ (فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلعم . وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ) سلَّم وسلَّموا، ثم (تَأَخَّرُوا) إلى جهةِ العدوِّ (وَصَلَّى) ╕ متنفِّلًا (بِالطَّائِفَةِ الأُخْرَى) التي كانت في جهةِ العدوِّ (رَكْعَتَيْنِ) ثمَّ سلَّم وسلَّموا (وَكَانَ لِلنَّبِيِّ صلعم ‼ أَرْبَعٌ) فرضًا ونفلًا (وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَيْنِ) فرضًا، واستدلَّ بهِ على جوازِ صلاة المفترِض خلفَ المتنفِّل، كذا قرَّره(9) النَّووي في «شرح مسلم» جمعًا بين الدَّليلين، ولأبي ذرٍّ ”ركعتان“ رفع.
          (وَقَالَ مُسَدَّدٌ: عَنْ أَبِي عَوَانَةَ) الوضَّاح اليشكُريِّ، ممَّا وصلهُ سعيدُ بن منصورٍ (عَنْ أَبِي بِشْرٍ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، جعفرُ بن أبي وحشيَّة (اسْمُ الرَّجُلِ) الَّذي اخترط سيفَ النَّبيِّ صلعم (10) (غَوْرَثُ بْنُ الحَارِثِ(11)) بفتح الغين المعجمة وسكون الواو وفتح الراء بعدها مثلَّثة (وَقَاتَلَ) ╕ (فِيهَا) في تلكَ الغزوة (مُحَارِبَ خَصَفَةَ) مفعول مضاف لتاليه.
          4137- (وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ) محمَّد بنُ مسلم بن تَدْرُس: (عَنْ جَابِرٍ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلعم بِنَخْلٍ، فَصَلَّى) صلاة (الخَوْفَ) وهذا قد سبقَ قريبًا [خ¦4130].
          (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) ممَّا وصله أبو داودٍ والطَّحاويُّ وابنُ حبَّان (صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلعم غَزْوَةَ نَجْدٍ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”في غزوةِ نجدٍ“ (صَلَاةَ الخَوْفِ، وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلعم أَيَّامَ خَيْبَرَ) فدلَّ على أنَّ غزوة ذاتِ الرِّقاع بعد خَيبر، وتُعقِّب: بأنَّه لا يلزم من كونِ الغزوة من جهةِ نَجد أن لا تتعدَّد، فإنَّ نجدًا وقع القَصدُ إلى جهتها في عدَّةِ غزواتٍ، فيحتملُ أن يكونَ أبو هريرة حضرَ التي بعد خَيبر لا الَّتي قبلها، قاله في «الفتح».


[1] في (ص): «النبي».
[2] في (س): «فإذا».
[3] «سلَّه»: ليس في (ص).
[4] في (ص): «مجردًا».
[5] في (د): «أن أقتلك».
[6] «أنه»: ليست في (م) و(ص).
[7] في (ب): «فجاءه».
[8] في (م) زيادة: «فأخذه».
[9] في (ص) زيادة: «وقدره»، وضرب عليها في (د).
[10] قوله: «اسم الرجل الذي اخترط سيف النبي صلعم»: ليست في (ص).
[11] في (ص): «غوث» ولعلَّ الراء سقطت سهوًا من الناسخ.