إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن طائفة صفت معه وطائفة وجاه العدو

          4129- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) الثَّقفيُّ مولاهم، وسقط «ابنُ سعيدٍ» لابنِ عساكرٍ (عَنْ مَالِكٍ) هو ابنُ أنسٍ الإمام (عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ) مولى الزُّبير بن العوَّام (عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ) بفتح الخاء المعجمة والوَاو المشددة وبعد الألف فوقية، ابنِ جُبَير _بضم الجيم وفتح الموحدة_ ابنِ النُّعمان الأنصَاريِّ التَّابعيِّ، وليس له في البُخاري إلَّا هذا الحديث (عَمَّنْ شَهِدَ(1) رَسُولَ اللهِ صلعم يَوْمَ) غزوةِ (ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلَاةَ الخَوْفِ) قيل: واسمُ المبهم: سَهل بنُ أبي حَثْمة(2)، ورجَّح في «الفتح» أنه خوَّات بنَ جُبير أبو صالحٍ المذكور، قال: ويحتمَلُ أن يكون صالحٌ سمعهُ من أبيهِ، ومن سَهْل بن أبي حَثْمة، والصَّحابة عُدُولٌ، فلا يضرُّ جهالةُ أحدِهم، وسقط لأبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ لفظ «صلَّى» (أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ) ╕ (وَ) صَفَّتْ (طَائِفَةٌ وُِجَاهَ العَدُوِّ) بكسر الواو وضمها، أي: جَعلوا وجوههُم تلقاءَه (فَصَلَّى) صلعم (بِـ) الطَّائفة (الَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ) ◙ حال كونِه (قَائِمًا، وَأَتَمُّوا) أي: الذين صلَّى بهم / الرَّكعة (لأَنْفُسِهِمْ) ركعة أخرى (ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وُِجَاهَ العَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى) التي كانت وُِ♣جاهَ العدو (فَصَلَّى بِهِمِ) ╕ (الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ) ◙ (ثُمَّ ثَبَتَ) ◙ (جَالِسًا) لم يخرُج من صلاتِهِ (وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ) الرَّكعة الأخرى (ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ) ◙ .
          وهذا الحديثُ أخرجَه بقيَّة السِّتة في «الصَّلاة» [خ¦942].
          4130- (وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هو ابنُ أبي عبدِ الله(3) الدَّستُـَوائيُّ البَصريُّ(4) (عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ) محمَّد بن مسلم بنِ تَدْرُس المكِّيِّ (عَنْ جَابِرٍ) ☺ ، أنَّه قال: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلعم بِنَخْلٍ) موضعٌ من أراضِي غَطَفان كما مرَّ (فَذَكَرَ) أنَّه صلعم صلَّى (صَلَاةَ الخَوْفِ) كما مرَّ، وغرضُ المؤلِّف منه الإشارَة إلى اتِّفاق رواياتِ جابرٍ على أنَّ الغَزوة التي وقعَ فيها صلاةُ الخَوف هي غزوةُ ذاتِ الرِّقاع.
          (قَالَ مَالِكٌ) الإمامُ الأعظَم بسندِ حديثِ صالح بن خوَّات السَّابق: (وَذَلِكَ) المرويُّ‼ في حديثِ صالح (أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلَاةِ الخَوْفِ) ووافقَ مالكًا على ترجيحهَا الشَّافعيُّ وأحمدُ؛ لسلامتها من كثرةِ المُخالفة، وكونها أحوطُ لأمرِ الحربِ.
          (تَابَعَهُ) أي: تابع معاذًا (اللَّيْثُ) بنُ سعدٍ الإمام، ممَّا وصلَه المؤلِّف في «تاريخه» (عَنْ هِشَامٍ) هو ابنُ سعدٍ المدنيِّ، أبي سعيدٍ القُرَشيِّ مولاهُم، يُعرف بيتيمِ زيد بنِ أسلم، وليس هو هشامًا الدَّستُـَوائيَّ؛ إذ لا رواية لليث بن سعد عنه(5) (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ) هو ابنُ أبي بكرٍ الصِّدِّيق ♥ (حَدَّثَهُ) فقال: (صَلَّى النَّبِيُّ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”حدَّثه صلاةَ النَّبيِّ“ ( صلعم ) صلاة الخوف (فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ) بفتح الهمزة وسكون النون آخره راء، قبيلةٌ من بَجِيلة _بفتح الموحدة وكسر الجيم_، وهذه الرِّواية مرسلةٌ، ورجالها غير رجالِ الأُولى، فوجهُ هذهِ المتابعَةِ من جهةِ أنَّ حديثَ سهلِ بن أبي حَثْمة في غزوةِ ذات الرِّقاع، فتتَّحدُ مع حديثِ جابرٍ، وهذه المتابعة وصلَها المؤلِّف _ ☼ _ في «تاريخه» بلفظ: «قال لي يحيى بنُ عبدِ الله بنِ بُكَير: حدَّثنا اللَّيث عن هشامِ بنِ سَعد عن زيدِ بن أسلَمَ: سمع القاسِمَ بنَ محمَّد: أنَّ النَّبي صلعم صلَّى في غزوةِ أنمَار نحوه» يعني: نحو حديثِ صالح بنِ خوَّات عن سَهل بنِ أبي حَثْمة، في صلاةِ الخوفِ.


[1] في (ب) و(س) زيادة: «مع».
[2] في (م) و(ص): «حثيمة».
[3] «أبي»: سقط من (ب).
[4] في (ص): «المصري».
[5] في (م) و(ص) و(د) و(ل): «إذ لا رواية له عن اللَّيث بن سعد».