إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: خرجنا مع النبي في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه

          4128- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ ”حَدَّثني“ بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ) أبو كُرَيبٍ الهَمْدَانيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بنُ أُسامة (عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) بضم الموحدة وفتح الراء وسكون التحتية (بْنِ أَبِي بُرْدَةَ) بضم الموحدة وسكون الراء (عَنْ) جدِّه (أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى) عبدِ الله بنِ قيسٍ الأشعريِّ ( ☺ ) أنَّه (قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلعم فِي غَزَاةٍ) ولابن عساكرٍ ”في غزوةٍ“ (وَنَحْنُ سِتَّةُ(1) نَفَرٍ) قال ابنُ حجر: لم أقفْ على أسمائِهم، وأظنُّهم من الأشعريين (بَيْنَنَا بَعِيرٌ) واحدٌ (نَعْتَقِبُهُ) أي: نركبه عُقْبَةً بأن يركبَ هذا قليلًا، ثمَّ ينزلُ فيركبَ الآخرُ بالنَّوْبة، حتَّى يأتي على آخرِهم (فَنَقِبَتْ) بفاء ونون مفتوحتين فقاف مكسورة فموحدة مفتوحة بعدها فوقية، أي: رقَّت وتقرَّضت، وقطَّعتِ الأرضُ جلودَ (أَقْدَامُنَا) من الحَفاء (وَنَقِبَتْ قَدَمَايَ، وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي) لذلك (فكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الخِرَقَ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، لِمَا) أي: لأجلِ ما(2) (كُنَّا نَعْصِبُ) بفتح النون وسكون العين‼ وكسر الصاد المهملتين، ولأبي ذرٍّ ”نُعَصِّب“ بضم النون وفتح العين وتشديد الصاد (مِنَ الخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا).
          (وَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى) الأشعريُّ، بالسَّند السَّابق (بِهَذَا) الحديث (ثُمَّ كَرِهَ ذَاكَ) لِمَا فيهِ من تزكيةِ نفسهِ (قَالَ: مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ؟! كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ) لأنَّ كتمَان العَمل أفضلُ من إظهارِه إلَّا لمصلحةٍ راجحةٍ، كأن يكون ممَّن يُقتدَى به. وقد قيل في سببِ التَّسمية _أيضًا_: إنَّهم رَقعُوا راياتِهم بها، وقيل: اسم شجرةٍ بذلك المَوضع، وقيل: جبلٌ نزلوا عليه، أرضه ذات ألوانٍ من حُمرة وصُفرةٍ وسوَادٍ فسمِّيت به، والله أعلم.
          وهذا الحديثُ أخرجَه مسلم في «المغازي».


[1] في (ب): «في ستة»، وزادها في (د)، ثمَّ ضرب عليها.
[2] «ما»: ليس في (د).