إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رعلًا وذكوان وعصية وبني لحيان استمدوا رسول الله

          4090- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ) النَّرسيُّ قال: (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ) بضم الزاي وفتح الراء مصغَّرًا، قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ(1)) هو ابنُ أبي عَرُوبة (عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ : أَنَّ رِعْلًا) بكسر الراء وسكون العين المهملة (وَذَكْوَانَ) بنَ ثعلبة (وَعُصَيَّةَ) بضم العين مصغَّرًا، ابن خُفَاف (وَبَنِي لَـِحْــيَانَ) بكسر اللام وفتحها، حيٌّ من هُذيل (اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللهِ صلعم ) أي: طلبوا منهُ المَدد (عَلَى عَدُوٍّ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”على عدوِّهم“ وهذا وهمٌ كما قاله الدِّمياطيُّ؛ لأنَّ بَني لَـِحْيا♣ن ليسوا أصحابَ بئرِ مَعُونة، وإنَّما هم أصحابُ الرَّجيع الذين قتلوا عاصِمًا وأصحابهُ وأسروا خُبيبًا، وكذا قوله: رِعلًا وذَكْوان وعُصيَّة وَهْم أيضًا، وإنَّما أتاهُ أبو براءٍ كما مرَّ، لكن قال الحافظُ ابن حجرٍ: إنَّ ما(2) في هذهِ الرِّواية هنا(3)، وما في «الجهادِ» [خ¦3064] من وجهٍ آخرَ عن سعيدٍ، عن قَتَادة‼ يردُّ على مَن قال: إنَّ رواية قَتادة وهمٌ، وقالَ في «المصابيحِ»: وهذا في الحقيقةِ انتقادٌ على أنس بنِ مالكٍ ☺ ، فإنَّ طريقَ الرِّوايةِ إليهِ بذلك صحيحةٌ لا مقالةَ فيهَا (فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الأَنْصَارِ، كُنَّا نُسَمِّيهِمُ القُرَّاءَ) لكثرةِ قراءتِهم (فِي زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ) يجمعونَ الحطبَ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ ”يَحْطِبُون“ (بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ) وكان أميرهُم المنذرُ بنُ عمروٍ السَّاعدي، فانطلقوا (حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلعم ) ذلك (فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي) صلاةِ (الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَـِحْيَانَ) فشركَ بينَ القاتِلين هنا وبينَ غيرهِم في الدُّعاء؛ لأنَّ خبرَ بئر مَعونة وخبرَ أصحابِ الرَّجيع جاءا إليه صلعم في ليلةٍ واحدةٍ، وعند ابنِ سعدٍ: ودعا رسولُ الله صلعم على قَتَلتهم بعد الرَّكعة في الصُّبح: «اللَّهم اشدُد وطأتكَ على مُضرٍ، اللَّهم سنينَ كسنيِّ يُوسف، اللَّهم عليكَ ببنِي لَـِحيا♣نَ وعَضَلٍ والقَارَةِ ورِعلٍ وذَكوانَ وعُصيَّةَ، فإنَّهم عصَوا اللهَ ورسولهُ» ولم يجدْ رسولُ الله صلعم على قَتلى ما وجدَ على قَتلى بئرِ مَعُونة.
          (قَالَ أَنَسٌ: فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ) القرآن (رُفِعَ) أي: نُسخت تِلاوته (بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا(4) لَقِينَا رَبَّنَا، فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا) وعندَ ابنِ سعدٍ: أنَّه لَمَّا أُحِيط بهم قالوا: اللَّهمَّ إنَّا لا نجدُ مَنْ يبلِّغ رسولكَ عنَّا السَّلام غيركَ، فأقرئهُ منَّا السَّلام، فأخبرَهُ جبريلُ ◙ بذلكَ، فقال: «وعليهم السَّلام».
          (وَعَنْ قَتَادَةَ) بالسَّند السَّابق (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) ☺ ، أنَّه(5) (حَدَّثَهُ: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلعم قَنَتَ شَهْرًا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ، عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَـِحْيَانَ).
          (زَادَ خَلِيفَةُ) بنُ خيَّاطٍ العُصْفُريُّ شيخُ المؤلِّف فقال: (حَدَّثَنَا ابْنُ زُرَيْع) ولأبي ذرٍّ ”يزيدُ ابنُ زُرَيع“ قال: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) / بكسر العين، ابنُ أبي عَرُوبة (عَنْ قَتَادَةَ) بنِ دِعامة، أنَّه قال: (حَدَّثَنَا أَنَسٌ) ☺ : (أَنَّ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ) القُرَّاء (مِنَ الأَنْصَارِ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ).
          وقولُه: (قُرْآنًا) بضم القاف وسكون الراء، أي: (كِتَابًا... نَحْوَهُ) أي: نحو روايةِ عبد الأعلى ابن حمَّاد، عن يزيد بن زُريع.


[1] في (م): «هشام الدستوائي قال حدثنا إسماعيل».
[2] «ما»: ليس في (م) و(د).
[3] في (ص): «إن هذه الرواية».
[4] في (ب) و(س) زيادة: «قد».
[5] «أنه»: ليست في (ص).