إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أتى رسول الله عبد الله بن أبي بعدما أدخل حفرته

          1350- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (قَالَ عَمْرٌو) بفتح العين، هو(1) ابن دينارٍ: (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ☻ ، قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صلعم عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ) بضمِّ الهمزة وفتح الموحَّدة وتشديد المثنَّاة التَّحتيَّة (بَعْدَمَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ) أي: قبره، وكان رسول الله صلعم قد عاده في مرضه، فقال له: يا رسول الله، إن متُّ فاحضر غسلي، وأعطني قميصك الَّذي يلي جسدك، فكفِّني فيه، وصلِّ عليَّ واستغفر لي (فَأَمَرَ بِهِ) رسول الله صلعم / (فَأُخْرِجَ) من قبره (فَوَضَعَهُ) ╕ (عَلَى رُكْبَتَيْهِ) بالتَّثنية (وَنَفَثَ عَلَيْهِ) وللحَمُّويي والمُستملي: ”ونفث فيه“ (مِنْ رِيقِهِ) والنَّفث _بالمثلَّثة_: شبيه بالنَّفخ(2)، وهو أقلُّ من التَّفل، قاله في «الصِّحاح» و«المحكم»، زاد ابن الأثير في «نهايته»: لأنَّ التَّفل لا يكون إلَّا ومعه شيءٌ من الرِّيق، وقيل: هما سواءٌ، أي: يكون معهما ريقٌ (وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللهُ أَعْلَمُ) وفي نسخةٍ: ”والله أعلم“ بالواو، جملةٌ معترضةٌ، أي: فالله أعلم بسبب إلباس رسول الله صلعم إيَّاه قميصه؛ لأنَّ مثل هذا لا يُفعَل إلَّا مع مسلمٍ، وقد كان يظهر من عبد الله هذا ما يقتضي خلاف ذلك، لكنَّه ╕ اعتمد ما كان يظهر منه من الإسلام، وأعرض عمَّا كان يتعاطاه ممَّا(3) يقتضي خلاف ذلك، حتَّى نزل قوله تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا}[التوبة:84] كما سبق (وَكَانَ) عبد الله (كَسَا عَبَّاسًا) عمَّ النَّبيِّ صلعم (قَمِيصًا) وللكُشْمِيْهَنِيِّ: ”قميصه“ لمَّا أُسِرَ في بدرٍ ولم يجدوا له قميصًا يصلح له؛ لأنَّه كان طويلًا، إلَّا قميص عبد الله(4) بن أُبَيٍّ. (قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة: (وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) كذا في كثير من الرِّوايات و«مستخرج أبي نُعيمٍ»، وهو تصحيفٌ، وفي رواية أبي ذرٍّ وغيرها: ”وقال أبو هارون“ وهو كذلك عند الحميديِّ في «الجمع بين الصَّحيحين»، وجزم المزِّيُّ بأنَّه: موسى بن أبي(5) عيسى الحنَّاط _بمهملةٍ ونونٍ_ المدنيُّ الغفاريُّ، واسم أبيه ميسرة، وقيل: هو الغنويُّ، واسمه: إبراهيم بن العلاء من شيوخ البصرة، وكلاهما من أتباع التَّابعين، فالحديث معضلٌ (وَكَانَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم قَمِيصَانِ، فَقَالَ لَهُ) أي: للنَّبيِّ، صلعم (ابْنُ عَبْدِ اللهِ(6)) هو عبد الله أيضًا، سمَّاه به النَّبيُّ صلعم ، وكان اسمه: الحباب: (يَا رَسُولَ‼ اللهِ، أَلْبِسْ) بفتح الهمزة وكسر الموحَّدة (أَبِي) عبد الله بن أُبَيٍّ (قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ. قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة ممَّا وصله المؤلِّف في «كسوة الأسارى» من(7) أواخر «الجهاد» [خ¦3008]: (فَيُرَوْنَ) بضمِّ المثنَّاة التَّحتيَّة (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم أَلْبَسَ عَبْدَ اللهِ) بن أُبَيٍّ (قَمِيصَهُ مُكَافَاةً(8)) بغير همزةٍ في «اليونينيَّة»(9) (لِمَا صَنَعَ) مع عمِّه العبَّاس، فجازاه من جنس فعله.


[1] «هو»: ليس في (د).
[2] في (د): «من النفخ»، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
[3] زيد في (د): «كان».
[4] «عبد الله»: مثبتٌ من (م).
[5] «أبي»: سقط من (د).
[6] اسم الجلالة «الله»: ليس في (د).
[7] في (ص): «في».
[8] في (م): «فكافأه».
[9] «بغير همزة في اليونينيَّة»: سقط من (م).