إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها

          1244- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالموحَّدة والمعجمة المشدَّدة، قال: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) بضمِّ الغين المعجمة، محمَّد بن جعفر البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ المُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) الأنصاريَّ ( ☻ ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَبِي) عبد الله بن عمرٍو يوم أُحُدٍ في شوَّال سنة ثلاثٍ من الهجرة، وكان المشركون مثَّلوا به، جدعوا أنفه وأذنيه (جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ) حال كوني (أَبْكِي) عليه (وَيَنْهَوْنِي) وللكُشْمِيْهَنِيِّ والأَصيليِّ وأبي الوقت: ”ينهونني“ بزيادة نونٍ ثانيةٍ بعد الواو على الأصل (عَنْهُ) أي: عن البكاء، ولفظة: «عنه» ساقطةٌ لأبي ذَرٍّ (وَالنَّبِيُّ صلعم / لَا يَنْهَانِي) عنه (فَجَعَلَتْ عَمَّتِي) شقيقةُ أبي(1) عبدِ الله ابن عمرو (فَاطِمَةُ تَبْكِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم ) معزِّيًا لها ومخبرًا لها بما آل إليه من الخير‼: (تَبْكِينَ أَوْ لَا تَبْكِينَ، مَا) ولأبوي ذَرٍّ والوقت والأَصيليِّ: «فما» (زَالَتِ المَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا) مجتمعين عليه، متزاحمين على المبادرة لصعودهم بروحه، وتبشيره(2) بما أعدَّ الله له من الكرامة، أو أظلُّوه من الحرِّ لئلَّا يتغيَّر، أو لأنَّه من السَّبعة الَّذين يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه(3)، و«أو» ليست للشَّكِّ، بل من(4) كلامه ╕ للتَّسوية بين البكاء وعدمه(5)، أي: فوالله إنَّ الملائكة تظلُّه، سواءٌ تبكين أم لا (حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ) من مقتله(6)، وهذا قاله ╕ بطريق الوحي، فلا يعارضه ما في حديث أمِّ العلاء السَّابق [خ¦1243] لأنَّه أنكر عليها قطعها، إذ لم تعلم هي من أمره شيئًا، وقد أخرج هذا(7) الحديث المؤلِّف أيضًا في «الفضائل» [خ¦4080]، والنَّسائيُّ في «الجنائز» و«المناقب»، ومطابقته للتَّرجمة في قوله: «جعلت أكشف الثَّوب عن وجهه»؛ لأنَّ الثَّوب أعمُّ من أن يكون الَّذي سجَّوه به ومن الكفن.
          (تَابَعَهُ) أي: تابع شعبة (ابْنُ جُرَيْجٍ) عبد الملك بن عبد العزيز قال: (أَخْبَرَنِي) بالإفراد (ابْنُ المُنْكَدِرِ) ولأبوي ذَرٍّ والوقت وابن عساكر في نسخةٍ: ”أخبرني محمَّد بن المنكدر“ أنَّه (سَمِعَ جَابِرًا ☺ ) وهذا وصله مسلمٌ من طريق عبد الرَّزَّاق عنه، وأوَّله: جاء قومي بأبي قتيلًا يوم أحد...، وذكر المؤلِّف هذه المتابعة لينفي ما وقع في ابن ماهان من «صحيح مسلم»، عن عبد الكريم، عن محمَّد بن عليٍّ(8) بن حسينٍ، عن جابرٍ: فجعل محمَّد بن عليٍّ بدل محمَّد بن المنكدر، فبيَّن البخاريُّ أنَّ الصَّواب: محمَّد بن المنكدر، كما رواه شعبة.


[1] «أبي»: سقط من (د).
[2] في (ص): «وتبشيرهم».
[3] قوله: «يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه»، سقط من (ص) و(م).
[4] «من»: ليس في (د).
[5] في (م): «غيره».
[6] في غير (ب) و(س) و(ج): «غَسْلِه».
[7] «هذا»: ليس في (د).
[8] «بن عليٍّ»: مثبتٌ من (د) و(س).