إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أقبل أبو بكر على فرسه من مسكنه بالسنح

          1241- 1242- وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) بكسر الموحَّدة وسكون المعجمة، السَّختيانيُّ المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بن المبارك (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (مَعْمَرٌ) هو ابن رَاشِدٍ (وَيُونُسُ) هو(1) ابن يزيد، كلاهما (عَنِ) ابن شهابٍ (الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (أَبُو سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ: (أَنَّ عَائِشَةَ ♦ زَوْجَ النَّبِيِّ صلعم ) وسقط في رواية أبي ذَرٍّ «زوجَ النَّبيِّ...» إلى آخره، (أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ) الصِّدِّيق ( ☺ عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْـُحِ) بضمِّ المهملة والنُّون وتُسَكَّن وبالحاء المهملة، منازل بني الحارث بن الخزرج بالعوالي (حَتَّى نَزَلَ) عن فرسه (فَدَخَلَ المَسْجِدَ) النَّبويَّ (فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ ♦ ، فَتَيَمَّمَ) أي: قصد (النَّبِيَّ صلعم ، وَهُوَ مُسَجًّى) بضمِّ الميم وفتح السِّين والجيم المشدَّدة، أي: مغطًّى (بِبُرْدِ حِبَرَةٍ) كعِنَبَةٍ، بإضافة «بُرْد» أو بوصفه: ثوبٌ يمانيٌّ مخطَّطٌ أو أخضر (فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ) الشَّريف (ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ) لازمٌ، وثلاثيُّه: كبَّ، متعدٍّ، عكس ما هو مشهورٌ من قواعد التَّصريف، فهو من النَّوادر (فَقَبَّلَهُ) بين عينيه (ثُمَّ(2) بَكَى) اقتداءً به ╕ حيث دخل على عثمان بن مظعون وهو ميِّتٌ، فأكبَّ عليه وقبَّله، ثمَّ بكى حتَّى سالت دموعه على وجنَتَيه، رواه التِّرمذيُّ (فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ)(3) الباء في «بأبي» تتعلَّق(4) بمحذوفٍ، اسمٌ، أي: أنت مفدًّى بأبي، فيكون مرفوعًا مبتدأً وخبرًا، أوفعلٌ فيكون ما بعده نصبًا، أي: فديتك بأبي (يَا نَبِيَّ اللهِ، لَا يَجْمَعُ الله) برفع «يجمع» (عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ) في الدُّنيا، أشار به إلى الرَّدِّ على من زعم: أنَّه يحيا فيقطع أيدي رجال؛ لأنَّه لو صحَّ ذلك لزم أن يموت موتةً(5) أخرى، فأخبر أنَّه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين، كما جمعهما على غيره، كالَّذي مرَّ على قريةٍ؛ أو لأنَّه يحيا في قبره ثمَّ لا يموت (أَمَّا المَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ) بصيغة المجهول، وللحَمُّويي والمُستملي: ”كتبَ اللهُ عليك“ (6) (فَقَدْ مُتَّهَا. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن: (فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ☻ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ☺ ، خَرَجَ وَعُمَرُ ☺ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ) له: (اجْلِسْ، فَأَبَى) أن‼ يجلس؛ لِمَا حصل له من الدَّهشة والحزن (فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ ☺ ، فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَتَرَكُوا عُمَرَ) ☺ (فَقَالَ) أبو بكرٍ: (أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلعم قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} إِلَى {الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:144]) قرأها(7) تعزِّيًا وتصبُّرًا، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: ”{إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ}“ (وَاللهِ) ولأبي ذَرٍّ: ”فوالله“ (8) (لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ الآيَةَ) ولأبي الوقت والأَصيليِّ: ”أنزلها“ يعني: هذه الآية (حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ ☺ ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلَّا يَتْلُوهَا).
          ورواة هذا الحديث ما بين مروزيٍّ وبصريٍّ وأيليٍّ ومدنيٍّ، وفيه رواية التَّابعيِّ عن تابعيٍّ عن صحابيَّةٍ، والتَّحديث، والإخبار، والقول، وأخرجه أيضًا في «المغازي» [خ¦4452] وفي «فضل أبي بكر» [خ¦3667]، والنَّسائيُّ في «الجنائز»، وكذا ابن ماجه.


[1] زيادة من (م).
[2] في (ص) و(م): «و».
[3] زيد في (ب) و(س) و(ص): «وأمي» وهو ثابتٌ في روايةٍ أخرى.
[4] في (ص): «متعلِّق».
[5] في (م): «بموته».
[6] وهي مختار أبي ذر، كما في «اليونينية».
[7] في (ص) و(م): «تلاها».
[8] قوله: «ولأبي ذَرٍّ: فوالله»، سقط من (م).