إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قال الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي

          7559- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ) الهَمْدانيُّ أبو كُرَيبٍ الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ) هو محمَّد بن فُضَيلٍ _بضمِّ الفاء وفتح الضَّاد(1) المعجمة_ ابن غزوان الضَّبِّيُّ مولاهم، الحافظ أبو عبد الرَّحمن (عَنْ عُمَارَةَ) بضمِّ العين وتخفيف الميم، ابن القعقاع (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ) هَرِم _بكسر الرَّاء(2)_ ابن عمرو بن جريرٍ البجليِّ أنَّه (سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ ☺ ‼ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ(3) صلعم يَقُولُ: قَالَ اللهُ ╡: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ) أي: قصد (يَخْلُقُ كَخَلْقِي) أي: ولا أحدَ أظلمُ ممَّن قصد حال كونه أن(4) يصنع ويقدِّر كخلقي، وهذا تشبيهٌ(5) لا عموم له؛ يعني: كخلقي في فعل الصُّورة، لا من كلِّ الوجوه، واستُشكِل التَّعبير بـ «أظلم» لأنَّ الكافر أظلم قطعًا، وأُجيب بأنَّه إذا صوَّر الصَّنم للعبادة كان كافرًا، فهو هو، أو يزيد عذابه على سائر الكفَّار لزيادة قبح كفره (فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً) بفتح الذَّال المعجمة: نملةً صغيرةً أو الهباء (أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً) بفتح الحاء، أي: حبَّة منتفعًا بها كالحنطة (أَوْ شَعِيرَةً) هو من باب عطف الخاصِّ على العامِّ، أو هو شكٌّ من الرَّاوي، والمراد تعجيزهم وتعذيبهم تارةً بخلق الحيوان / وأخرى بخلق الجماد، وفيه نوعٌ من التَّرقِّي في الخساسة، ونوعٌ من التَّنزُّل في الإلزام، وإن كان بمعنى الهباء، فهو بخلق ما ليس له جرمٌ محسوسٌ تارةً، وبما له جرمٌ أخرى، وحُكِيَ أنَّه وقع السُّؤال عن حكمة التَّرقِّي من الذَّرَّة إلى الحبَّة إلى الشَّعيرة في قوله: «فليخلقوا ذرَّةً» فأجاب الشَّيخ تقيُّ الدِّين الشُّمنِّيُّ بديهةً بأنَّ صنع الأشياء الدَّقيقة فيه صعوبةٌ، والأمر بمعنى التَّعجيز، فناسب التَّرقِّي من الأعلى للأدنى، فاستحسنه الحافظ ابن حجرٍ، وزاد في إكرام الشَّيخ تقيِّ الدِّين وإشهار فضيلته ⌐.
          وأخرجه المؤلِّف في «نقض الصُّور» من «كتاب اللِّباس» [خ¦5953] وأخرجه مسلمٌ فيه أيضًا.


[1] «الضاد»: مثبت من (د) و(س).
[2] «بكسر الراء»: ليس في (د).
[3] في (د): «رسول الله»، وفي الهامش نسخة كالمثبت.
[4] قال الشيخ قطه ☼ : هكذا في النسخ، والأولى حذف (أن)، أو حذف قوله (حال كونه)، تأمل.
[5] في (د): «التشبيه».