الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الأحكام التي تعرف بالدلائل

          ░24▒ (باب: الأَحْكَام الَّتي تُعْرَفُ بالدَّلائل...) إلى آخره
          قالَ الكَرْمانيُّ: قوله: (بالدَّلائل) أي: بالملازِمات الشَّرعيَّة أو العقليَّة، قالَ ابنُ الحاجب وغيره: الأدلَّة المتَّفق عليها خمسة: الكتاب والسُّنَّة والإجماع والقياس والاستدلال، وذلك كما إذا علم ثبوت الملزوم شرعًا أو عقلًا علم ثبوت لازمه عقلًا أو شرعًا، وقوله: (كيف معنى الدِّلالة...) إلى آخره، ومعنى الدِّلالة هو كإرشاد النَّبيِّ صلعم أنَّ الخاصَّ وهو الحمير حكمه داخل تحت حكم العامِّ، وهو{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الآية] [الزلزلة:7]، فإنَّ مَنْ ربطها في سبيل الله فهو عامل للخير، يرى جزاءه خيرًا، ومَنْ ربطها فخرًا ورياءً فهو عامل للشَّرِّ جزاؤه شرًا(1)، وأمَّا تفسيرها فتعليم(2) عائشة ♦ للمرأة السَّائلة التَّوضُّؤ بالفرصة. انتهى.
          قالَ الحافظُ: الدِّلالة في عرف الشَّرع الإرشاد إلى أنَّ حكم الشَّيء الخاصِّ الَّذِي لم يرد فيه نصٌّ خاصٌّ داخل تحت حكم دليل آخر بطريق العموم، فهذا معنى الدِّلالة، وأمَّا (تفسيرها) فالمراد [به] تبيينها، وهو تعليم المأمور كيفيَّة ما أمر به، وإلى ذلك الإشارة في ثاني أحاديث الباب، ويستفاد مِنَ التَّرجمةِ بيان الرَّأي المحمود، وهو ما يُؤخَذ ممَّا ثبت عن النَّبيِّ صلعم مِنْ أقواله وأفعاله بطريق التَّنصيص وبطريق الإشارة، فيندرج في ذلك الاستنباط، ويخرج الجمود على الظَّاهر المحض. انتهى.
          وفي «تقرير شيخ الهند» نوَّر الله مرقده: قوله: (باب: الإحكام(3)...) إلى آخره، هذا أيضًا قاعدة كلِّيَّة مِنَ القواعد الشَّرعيَّة، لأنَّ الأعمال قد تُعرف بالدِّلالة مِنَ الحديث، وقال مولانا سلَّمه الله تعالى: أن(4) البخاريَّ لم يكتفِ بذكر أنَّ مَدار الدِّين الوحي، بل حَتَّى القواعد أيضًا، أثبتها مِنَ الأحاديث، ولله درُّه. انتهى.
          وما يظهر لهذا العبدِ الضَّعيفِ أنَّ الإمام البخاريَّ قد أشار في كتاب الاعتصام بتراجم عديدة إلى مسائل الأصول كما ترى، فهكذا أشار بهذه التَّرجمة إلى أمرين قد نبَّه عليهما أصحاب الأصول، الأوَّل: ما قالوا: أن(5) أصول الشَّرع أربعة: الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، والقياس، وأشار إلى هذه الأربعة بقوله: (الَّتي تعرف بالدَّلائل) ولمَّا كان الكلام على هذه الأربعة قد تقدَّم من مبدأ كتاب الاعتصام إلى هاهنا، أشار إليها بقوله: (الَّتي تعرف بالدَّلائل) والأمر الثَّاني: هو ما ذكره(6) مِنْ تقسيم الاستدلال / مِنَ الكتاب والسُّنَّة إلى أقسام عديدة معروفة عندهم مِنْ عبارة النَّصِّ وإشارته ودلالته واقتضائه، فأشار إلى هذا الأمر الثَّاني بقوله: (وكيف معنى الدِّلالة...) إلى آخره.


[1] في (المطبوع): ((شر)).
[2] في (المطبوع): ((فكتعليم)).
[3] في (المطبوع): ((الأحكام)).
[4] في (المطبوع): ((إن)).
[5] في (المطبوع): ((إن)).
[6] في (المطبوع): ((ذكروه)).